Site icon IMLebanon

الساحة المسيحية بحاجة لعصا بكركي «لان الكلام لم يعد ينفع»

يستمر البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي في دعواته المتكررة يومياً الى إنتخاب رئــيس للجمــهورية، وكـان آخرها ما قاله في عظة الاحد بأنـــه «آن الأوان لكي يقف اللبنانيون لا سيّما نـواب الأمة والكـــتل السياسية أمام ضميرهم وأمام الله، كما دعا الى ان يدرك السياسيون فظاعة عدم انتخاب رئيس للدولة، وما يتســبّب به من شــلل للمجلس النيابي الذي مدّد لنفسه، وفي الوقـت عــينه عطّل نفسه بعدم انتخاب الرئيس، وليدركوا أيضا فظاعة الفراغ الرئاسي الذي يضع الحكومة في أزمة مع نفسها».

هذا الموقف يكاد يكون خبز بكركي اليومي، من دون ان يرف جفن لمعرقليّ الانتخابات الرئاسية التي نشهد جلساتها الفارغة من النصاب، مما يعيق الموقع المسيحي الوحيد على ايدي بعض القادة المسيحيين، لان مصالحهم الخاصة تفوق مصلحة لبنان، هكذا ترّد مصادر مسيحية حزبية على موقف المعرقلين وحججهم التي لا تنطلي على احد، وترى هذه المصادر بأن عبارة «مجد لبنـان اُعــطي لبكـركي»، هي عبارة تعطي للبطريرك ومجلس المطارنة إتخاذ القرار الحاسـم في كل الامور المصيرية، التي من شأنها المحافظة على لبنان ككيان ووجود، وبالتالي فهذه العبارة الشهيرة يرددّها المسيحيون في لبنان منذ عقود مع العديد من المـفكرين ورجال السياسة، خلال حديثهم عن الظروف التاريخـية التي أدت الى ولادة لبنان الكبير في العام1920، نتيجة جهود البطريرك الياس الحويك الذي لعب دوراً بارزاً في استقلال لبنان، الذي لم يكن أمراً سهلاً بعد انسحاب العثمانيين، لكن البطريرك الحويك إستطاع توحيد اللبنانيين على اختلاف طوائفهم ومذاهبهم تحت شعار «حرية وســيادة لبنان»، فنال تفويضاً من اللبنانيين جميعاً ليطالب بإستقلال لبنان خلال مؤتمر «فرساي» حيث نجح في مسعاه، فعاد محققاً طموحات اللبنانيين في الأول من أيلول العام 1920.

وتتابع هذه المصادر: «الوضع اللبناني إختلف اليوم من كل جوانبه، اذ لم تعد شعارات الحرية والسيادة والاستقلال تجمع اللبنانيين المنقسمين سياسياً الى ابعد الحدود، فمحاولات توحيدهم باءت كلها بالفشل، ولم تعد تنفع وساطات الداخل والخارج، والمشهد مماثل على الخط المسيحي السياسي، فالانقسام كبير، لكن الانظار وجهت بعيون متفائلة منذ سنوات، وتحديداً بعد تنصيب الراعي بطريركاً على انطاكية وسائر المشرق، حينها تتطلع المسيحيون بشغف الى راعيهم الحامل هموم الكنيسة ولبنان، فأملوا ان تسهّل مهمته الصعبة كي يقود السفينة المسيحية الى شاطئ الامان، بحيث يتم على يده لمّ الشمل المسيحي المنتظر.

لكن على الرغم من محاولاته العديدة، فهو إستطاع خرق الجدار المقفل بين الاقطاب المسيحيين تضيف المصادر، لكنه لم يستطع توحيد كلمتهم في مواقف مصيرية، اما اليوم وفي ظل الاخطار الكبيرة المحدّقة بلبنان، فلا بدّ من إتخاذ خطوات جريئة لجمعهم بالقوة تحت سقف بكركي، تمهيدًا لتوحيد الكلمة وحماية لبنان من التحديات المرتقبة، خصوصاً ان البطريرك الراعي تميّز بمواقفه في ما يخص المسيحيين ولبنان، كما تميز بإنفتاحه على الحوار والتفاهم والحرص على الوحدة الوطنية.

وترى هذه المصادر بأن حامل صولجان بكركي له الحق بإتخاذ قرارات مصيرية تعيد الحق الى المسيحيين، قبل ان يصبح هذا الحق في دهاليز النسيان…، موجهة رسالة للراعي: «سيّدنا الكلمة لكم اليوم في تحديد مصير لبنان، وقولكم منذ فترة بأنه حان الوقت لاستعمال العصا مصيب جداً، لذا فالمطلوب منكم اليوم ان تستعملوا هذه العصا، لان مصير لبنان والمنصب المسيحي الوحيد سائر على خط الهاوية، وهنالك خوف من فقداننا للموقع الرئاسي بأيدينا، وانتم من القائلين يوماً: «الوطن ليس لطائفة او حزب او فئة، ولن يحتكره أحد لأن في احتكار فئة له احتقاراً لنا جميعاً»، لذا لا تسمحوا للبعض بأن يحتكروا هذا الوطن من اجل مصالحهم الخاصة، فالساحة المسيحية اليوم تنتظر منكم شيئاً ايجابياً على خط التوافق بعد عدد كبير من الجولات لم يصل أي منها الى خاتمة ايجابية، ولا زلنا تنتظر الرئيس المرتقب وسط عواصف سياسية وتشنجات يومية بين الافرقاء المتناحرين، وصولاً الى مصاعب بلد مكشوف امنياً ينبئ كل يوم بمعركة جديدة، تجعل منه علبة بريد توّجه من خلالها رسائل متعددة الاتجاهات.

وتختم: «اليوم الساحة المسيحية تحـتاج الى عـصا بكركي لمن يُعطّل النـــصاب في جلــسات انتخاب الرئيــس، اي ممثل الموقع الذي يشكل عامل قوة لمسيحيّي لبنان، وهذا يعني بأن الوضع يحتاج الى موقف متشدّد منكم، خصوصاً انكم تنطلقون من اسس شرعية، ومواقفكم تنبــع من دوركم كمسؤولين عن مسيحـــيّي لبـــنان، ومن دوركم في الدفاع عن استقلاله وســيادته، ولبــنان وصــل الى قعر الهاوية، والمصلحة المسيحية يجب ان تكون فوق كل المصالح الشخصية، وبالتالي لا مكان اليوم لأصحاب هذه المصالح لان مصلحة المسيحيين في خطر، ولا نريد بعد مدة ان نرى مشاهد مماثلة لما جرى للمسيحيين في البلدان المحيطة بنا».