يبدو أن عقدة التمثيل المسيحي في الحكومة لا تزال تشكل المعرقل الأبرز أمام الاتفاق على تشكيلها، خصوصا في ضوء مطالب «القوات اللبنانية» بحصة وزارية وازنة وبحقائب معينة منها حقيبة «سيادية»، ما دفع الى نوع من «الاستنفار المسيحي» والسياسي لدى القوى الاخرى لمواجهة ما تصفه بعض الجهات النيابية المتابعة لاتصالات التشكيل «محاولات القوات الإلغائية للقوى المسيحية الاخرى».
وترى مصادر معنية أن مطالبة «القومي» بتوزير شخصية مسيحية (يقول قيادي حزبي معني إن «القومي» لم يحسم قراره بتسمية وزير شيعي أم مسيحي) تأتي في إطار مواجهة محاولات «القوات» اختصار الساحة المسيحية الأخرى (عدا التيار الحر) بطلب حصر التمثيل المسيحي الآخر بها، بحجة أن القوى الاخرى لم تنتخب العماد ميشال عون للرئاسة، بينما هناك قوى مسيحية اخرى يفترض أن تتمثل مثل «المردة» و «الكتائب» ما دام التوجه هو الى تشكيل حكومة وفاق وطني موسعة.
وتقول المصادر إن المصلحة السياسية لفريق «8 آذار» اقتضت المطالبة بتوزير شخصية مسيحية من «القومي» بدل شخصية شيعية، ليس لتكريس عدم حصرية التمثيل المسيحي وحسب، بل ايضا لدواعٍ بعيدة المدى منها ما يتصل بالانتخابات النيابية المقبلة، ومنها ما يتصل بشخص الرئيس المقبل للجمهورية بعد عون، خصوصا أن هناك من يعتبر نفسه «وريثه الشرعي للرئاسة».
وتذهب مصادر اخرى الى أنه اذا كان المعيار للتوزير احتساب حصص القوى المسيحية نيابيا وإسقاطها على التركيبة الحكومية، «فسنصل الى نتيجة مفادها أن كتلة نيابية من ثمانية نواب للقوات لا يمكن أن تعطى لها أربع حقائب، وإلا لكان ذلك حقا لكتلة نواب الكتائب المؤلفة من خمسة نواب ان تتمثل بثلاث حقائب، وكذلك حال كتلة المردة من ثلاثة نواب، وكتلة الاحزاب الوطنية من القومي والبعث وطلال ارسلان المؤلفة من خمسة نواب». وذلك عدا «احتساب حصتي التيار الوطني الحر وتيار المستقبل الكبيرتين، فكيف سيتم تقاسم المقاعد المسيحية؟».
وتعتبر المصادر أن تكتل القوى المسيحية بوجه «محاولة إلغائها» سيجعل من الأسهل على الرئيس المكلف توزيع الحصص الوزارية بعدالة أشمل. لذلك يتوجه الرئيس سعد الحريري الى القوى المعنية بالتشكيلة الحكومية بطلب خفض سقف مطالبها والتواضع في تقدير أحجامها وتمثيلها.
وتشير المصادرالى أن «القوات» تدّعي لنفسها الفضل الأوحد أو الأكبر في انتخاب عون رئيسا وتكليف الحريري تشكيل الحكومة، بينما الواقع يشير الى جملة معطيات داخلية وخارجية فرضت ترشيح الحريري لعون، بينما كان ترشيح جعجع لعون بمثابة رد فعل سريع على ترشيح الحريري للنائب سليمان فرنجية قبل نحو سنة الى الرئاسة، ومحاولة ناجحة منه لحجز مكان وازن في اللعبة السياسية الداخلية وفي التركيبة الحكومية.