IMLebanon

التحالف المسيحي معبر الحريري الى الحكومة

على تماس مع الاتصالات حول اجراء الاستحقاق الرئاسي، تعود مجددا الى الواجهة رغبة الرئيس سعد الحريري في‌ العودة الى الحكومة، لكن العودة هذه المرة تمر عبر التحالف المسيحي

يبدو في الظاهر ان الاتصالات الرامية الى انضاج تسوية رئاسية سريعة لا تزال تراوح مكانها، لكن وراء الكواليس ثمة اتصالات ولقاءات بعيدة عن الاضواء، تأخذ ابعادا مهمة على طريق تحقيق خرق اساسي.

فازاء مشهد المرشحين الرئاسيين، رئيس تكتل التغيير والاصلاح العماد ميشال عون ورئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية، يبدو واضحا ان ثمة قراراً نهائياً بعدم عقد جلسة مواجهة بين مرشحين، او بمرشح تيار المستقبل. لذا لا تزال تسوية رئاسية توافقية تأتي بعون رئيساً هي المتقدمة، التي لا بديل لها في الوقت الراهن، في ظل المواقف التي اصبحت معروفة ولا سيما منها للقوات اللبنانية وحزب الله.

لكن المتقدم في الاتصالات وما يحصل في لقاءات سياسية وما بدأ يتسرب منها اخيرا، ان المفاوضات تسلك طريقاً جديداً يتعلق بوضع الرئيس سعد الحريري وامكان عودته الى رئاسة الحكومة في حكومة العهد الاول الجديد، اذا ما ادت المفاوضات الى الاتيان بعون رئيسا للجمهورية. واذا كانت عودة الحريري الى ترؤس الحكومة بعد غياب طويل، قد طُرحت بصراحة وبتفاصيل واضحة في لقاء باريس بين الحريري وفرنجية، الا انها ظلت على خط التسوية المتعلقة بامكان انتخاب عون من دون بحث عملي، لكن بعد ترشيح رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع لعون، ومباشرته اتصالاته لتسويق الاتفاق الرئاسي، وإقامة الزعيمين المسيحيين تحالفاً مسيحياً يسعى الى اجراء انتخابات رئاسية سريعة وانجاز الاستحقاق في اقرب وقت ممكن، بات الكلام عن عودة الحريري الى رئاسة الحكومة امراً واقعياً، لانجاز تسوية توافقية شاملة.

بهذا المعنى يصبح امام الحريري الراغب في العودة الى بيروت رئيسا لاولى حكومات العهد، ان يسلك طريق الرابية ومعراب، في مفاوضات يمكن ان تؤدي الى تسهيل الاتفاق حول هذه النقطة. فالطرفان معنيان مباشرة بما يدور حول الاستحقاق لجهة انضاج معالم التسوية، لان عون هو المرشح الاول وسبق للحريري ان حاوره في ملف الرئاسة، فيما بات جعجع يمثّل ثقلا اضافيا في ملف رئاسة الجمهورية، بعد تفاهمه الاخير مع عون، لجهة وضعيته في 14 آذار وعلاقته مع الحريري، وان تضررت في الاونة الاخيرة.

إذا بقي الحريري على موقفه فهذا يعني ان هناك من يريد ان يأخذ البلد الى المجهول

ومرور الحريري عبر بوابة التحالف المسيحي الى رئاسة الحكومة، قد يكون اصبح اكثر مرونة، بعدما فتح الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في خطابه الاخير الباب امام الكلام عن مثل هذه التسوية، حين تحدث عن مشاركة الحزب في الجلسة لانتخاب عون من «دون تعديلات دستورية ولا مؤتمر تأسيسي وتحت الطائف وبسلة وبلا سلة». وهو قال «نحن لم نتحدث عن السلة حتى نسهّل انتخابات الرئاسة، تنتخبون رئيسا من دون سلة لا مشكلة، والسلة لكم وليست لنا وعلى كل حال ما نريده من السلة اخذناه (…) نحن نتحدث عن السلة حتى تسير امور البلد وينتخب رئيس ويأتي رئيس وزراء وتأتي حكومة ونعمل قانون انتخاب».

واذا أخذ ما يريده من السلة، اي الرئيس العتيد، وتحديدا عون، بقيت رئاسة الحكومة، التي اعطى نصرالله مؤشرا الى امكان الكلام حولها، وهنا بدأت امكانية الكلام عن عودة الحريري، من خلال تفاهمات ابدى الحزب مرونة في التعاطي معها بعد لقاء معراب. لكن الكرة هي ايضا في ملعب التحالف المسيحي الذي يريد ايصال عون الى القصر الجمهوري، بعدما استعاد تحالف عون ـــ جعجع المبادرة في اعادة تحريك الملف الرئاسي وتحولهما لاعبين اساسيين فيه. فالسلة تصبح ثنائية بهذا المعنى، ويصبح اختيار الحريري رئيسا للحكومة من ضمن التسوية التي اشار اليها نصرالله، وبدأ الكلام حولها جديا في الايام الاخيرة خلال لقاءات واتصالات مكثفة، لكن عودة الحريري مجددا الى السرايا الحكومية، في عهد عون، عبر تسوية معراب ــــ الرابية، يفترض ايضا مشاورات وتفاهمات حول ملفات عدة هي قيد البحث والتداول حاليا.

وفق ذلك، واذا نجحت المفاوضات، يمكن ان يكون انتخاب رئيس للجمهورية في وقت ليس بعيدا اذا كان هناك نية فعلية في عملية انقاذ حقيقية، ولا سيما بعد تضاعف المؤشرات الامنية الخطرة التي بدأت تمثل تحديا لا يمكن التهاون به، تحديدا في عرسال ومحيطها.

وترجمة اي تفاهم يمكن الوصول اليه، قد يجد صدى له في ذكرى 14 شباط، اذ ستكون المناسبة تعبيرا عن المنحى الذي تتخذه المفاوضات حول هذه النقطة تحديدا. وستمثل اطلالة الحريري سبيلا الى اعادة لم الشمل في جمهور المستقبل واظهار الرغبة في تحقيق تقدم على طريق انجاز تسوية يكون عنوانها مصلحة البلد وتحييده عن المخاطر المحدقة به، وايضاح معنى التسوية بمفهومها الجديد. اما اذا اصطدمت الاتصالات بحائط مسدود، وظل الحريري على موقفه ان بالنسبة الى فرنجيه او بالنسبة الى ما يتضمنه ملف عودته الى الحكومة، فهذا يعني ان هناك من يريد ان يأخذ البلد مجددا الى مرحلة مجهولة، فلا يعود للحديث عن الرئاسيات مغزى في ظل التطورات التي يمكن ان تدهم لبنان.