شيئا فشيئا ومع زيادة منسوب التسريبات يتضح ان زيارة أمين سر الفاتيكان الكاردينال بيترو بارولين الى لبنان لم تكن محض رعوية لنشاط كنسي وتلبية لدعوة فرسان مالطا فقط بل أبعد من ذلك خصوصا انها أتت بطلب وقرار من البابا فرنسيس كما تقول مصادر كنسية مع تزايد القلق الفاتيكاني لدى الحبر الأعظم على لبنان واحتمال تدحرج الأمور من السيىء الى الأسوأ لبنانيا وعلى صعيد المنطقة، من هنا كان العنوان الأساسي للزيارة معاينة الوضع اللبناني عن قرب بكل جوانبه والبحث مع المعنيين في حلول من ضمن قدرات الفاتيكان ومونتها على المسؤولين اللبنانيين طبعا .
حاول الموفد الرسولي بالإمكانات المتاحة الوقوف على ما توفر له من آراء في ما يتعلق بالملف الرئاسي مع تزايد الخطر على الكيان والوجود المسيحي في هذا الكيان، فاستمرار الفراغ الرئاسي في بعبدا في ظل التهديدات الإسرائيلية بشن عدوان على لبنان مسألة في غاية الخطورة، مع تفاقم المشاكل في المجتمع المسيحي وتراجع الحضور على مستوى الدولة وهجرة الشباب المسيحي ومخاطر التغيير الديمغرافي.
ما سمعه وعاينه بارولين كما تقول المصادر كان صادما ويتجاوز بكثير الفكرة التي لديه عن الأزمة اللبنانية، فانتخاب رئيس للجمهورية دونه عقد محلية وداخلية أقوى من العقد الخارجية نتيجة الانقسام السياسي الكبير وتشرذم المسيحيين واستمرار تناحرهم وتنافسهم على السلطة.
سمع الزائر الرسولي ما سمعه في الحلقات الضيقة ولعل تواجده في اجتماعات خاصة مع عدد من السياسيين كان كافيا لديه لتكوين انطباع عام عن الأزمة وعن علاقة القيادات المسيحية مع بعضها وهذه النقطة بالذات صدمت الموفد الرسولي اذ لمس حجم التباعد بين الزعامات المسيحية فيما قوة المسيحيين في توحدهم بدل تباعدهم.
غادر بالموفد الفاتيكاني مثقلا بالأفكار والهواجس لكتابة تقرير من شأنه ان يكون منطلقا لصياغة تعامل جديد مع الأزمة اللبنانية ولن يغفل الفاتيكان عن ممارسة المزيد من الضغوط لحث اللبنانيين على التوافق والشراكة والعيش المشترك والأهم التفاهم لإنتخاب رئيس قبل فوات الاوان وزوال لبنان الرسالة والعيش المشترك، ومن الواضح ان الفاتيكان سيحاول ان يبذل جهودا في هذا الإطار لإنتخاب رئيس يعيد الحقوق المسيحية وانتظام المؤسسات.