يسود الإعتقاد ان دعوة الرئيس نبيه بري لجلسة انتخاب رئيس جمهورية، بحضور سفراء “اللجنة الخماسية” هدفه الأساسي إتمام الاستحقاق الرئاسي المؤجل، ورفع تهمة التعطيل عن فريقه السياسي. ويسود الاعتقاد ايضا ان الدافع الآخر هو عدم توافر الإجماع لدى الفريق الثاني حول مرشح محدد بعد، فحتى اللحظة لم تتضح معالم التوافق المسيحي إزاء الاستحقاق الرئاسي، ولم تحرز الحركة على خط الإنتخابات الرئاسية نتيجة متقدمة. فالانقسام لا يزال بين فريق يبحث عن رئيس، بعد التحول السياسي وسقوط النظام السوري، وفريق يرفض التسليم بالواقع السياسي الجديد.
والسؤال المطروح اليوم إذا كانت القيادات المارونية ستصل الى موقف محدد لإنهاء الفراغ الطويل في قصر بعبدا؟ اذ تؤكد مصادر سياسية ان مؤشرات التفاهم الرئاسي غير متوافرة بعد، على الرغم من الحركة الجارية. فمواقف القوى المسيحية لا تزال ضبابية ، على الرغم من تكثيف الإتصالات واللقاءات. فرئيس “تيار المردة” الخارج من صدمة سقوط المحور الذي يدعمه لم يسم مرشحه، واكتفى باشارات معينة بعد اللقاء الذي جمعه بـ “اللقاء النيابي المستقل” حول شخصية الرئيس الذي يتمتع بحيثية مسيحية، ولا يكون “اجر كرسي” في بعبدا.
ومن الواضح ان فرنجية في صدد الانتقال من مرحلة المرشح الأساسي، الى مرحلة المشاركة في صناعة الرئيس المقبل، وإذا كان فرنجية لم يحسم مرشحه الرئاسي، فالمرجح انه اقرب الى تأييد ترشيح قائد الجيش، أكثر من رئيس حزب “القوات” سمير جعجع لاعتبارات كثيرة، مع ان مصالحة بكركي في كانون الأول عام ٢٠١٨ أنهت الخلاف بين زغرتا ومعراب. فالتقديرات ان فرنجية لا يمكن ان يدعم ترشيح جعجع، بالمقابل فان دعم فرنجية لقائد الجيش قائم بقوة، وحضر في اللقاء الاخير بين فرنجية و النائب علي حسن خليل موفدا من الرئيس بري الى بنشعي، لشكر رئيس “المردة”على مؤازرة الثنائي الشيعي في الحرب والتشاور الرئاسي، اذ لا يزال الثنائي يؤكد ان فرنجية مرشحه الثابت، لكن فرنجية العالم جدا انه اصبح خارج السباق الرئاسي ، يبدو أقرب الى تبني خيار قائد الجيش العماد جوزف عون، الذي منحه أصواته في التمديد على رأس المؤسسة العسكرية .
الحركة في معراب استقطبت الاهتمام، فالواضح ان معراب في صدد إستطلاع الأجواء الرئاسية، والترويج لترشيح رئيس “القوات” رسميا، بعد نجاح الإتصالات. وشكلت زيارة تكتل “الاعتدال الوطني” الى معراب، محطة اساسية في طريق الإتفاق مع جعجع في حال ترشحه، مع ذلك فالقناعة السائدة ان “القوات” تراهن على عامل الوقت، وعدم نجاح جلسة التاسع من كانون الثاني لفرض مرشح الأمر الواقع، ومن الطبيعي ان “القوات” التي تعمل لمرشحها كما يعني إسقاط المرشحين المتداول بأسمائهم ومنهم قائد الجيش .