IMLebanon

المكونات المسيحية: «لا» لفرنجية

بات الرئيس سعد الحريري يتنقل كل فترة من ترشيح مكوّن مسيحي اساسي الى آخر، بحيث يرمى إسم مرشّح ليُسحَب من التداول لاحقاً، حتى بات يحمل تسمية مرشح السياسيين المسيحيين غير الواصلين الى سدة الرئاسة، إلا لمرة واحدة فعلها حين سمّى قبل اتفاق الدوحة العماد ميشال سليمان للرئاسة، مع العلم بأن سليمان وصل الى قصر بعبدا نتيجة تسوية اقليمية دولية، نال حينها مباركة الجميع داخلياً وخارجياً، تحت عنوان الرئيس الوسطي، اما الترشيح الثاني الذي بادر به الحريري هو رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع في العام 2012، بعدها طرح إسم العماد ميشال عون من باريس ضمن معادلة « رئيس قوي من 8 آذار ورئيس حكومة قوي من 14 آذار»، واليوم يرشّح رئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية، من دون إستشارة المكونات المسيحية الاساسية كالتيار الوطني الحر والقوات اللبنانية والكتائب، ما دفع بمصادر مسيحية الى التساؤل عن سبب هذه الترشيحات كل فترة؟، فيما النتيجة تأتي دائماً خاسرة ، لان الشخصيات التي يرشّحها الحريري لا تحمل الصفة التوافقية والبعيدة عن الاصطفافات السياسية التي يطالب بها الجميع، بل هي رأس حربة في فريقها وفي مبادئها السياسية .

الى ذلك تشير هذه المصادر الى الصمت الذي يعتري المكونات المسيحية الاساسية، اذ لم نسمع أي ردة فعل على ترشيح فرنجية ، معتبرة ان الصمت هنا لا يعني القبول كما يقول المثل، بل الرفض لان عون وجعجع تحديداً لن يقبلا بوصول فرنجية، بل على العكس فترشيحه الجدي كما يقول هو، سيزيد التوافق بينهما وبالتالي الاتفاق على عدم وصوله، ورأت بأن سيناريو رفض مخايل الضاهر كرئيس ، سيتكرر من قبل التيار والقوات، وإن من دون حواجز عسكرية كما حصل في تلك الفترة، لافتة الى ان عون لن يسافر الى باريس للوقوف على خاطر الحريري، وجعجع كذلك الامر، وفي حال سافر الاخير لن يكون للقبول بل للمشاركة في تبادل الآراء والطروحات ليس اكثر، في حين ان رأيه معروف، وبالتالي فإن الزعيمين المسيحيين لن يقبلا بأن يصل أي مرشح على غير طريقهما، لان تسمية أي رئيس للحكومة لم تكن في أي مرة عن طريق مكوّن مسيحي سياسي، كما هما يفهمان اللعبة خصوصاً حين يدخل ضمنها النائب وليد جنبلاط، الذي يريد اليوم إضعاف عون وجعجع بعد الحوار الجدي بينهما، الذي انتج توافقاً وإستعداداً لخوض الإنتخابات النيابية معاً، فيما جنبلاط الذي اعلن فجأة عن تأييده فرنجية للرئاسة، اتى نتيجة طرح اسمه من قبل السفير الاميركي ديفيد هيل، لا سيما بعدما تبلّغ بأن باريس والرياض لا تمانعان من وصوله، لان هدفهما إنهاء الازمة الرئاسية قبل ان ينهار لبنان بكل مؤسّساته، لذا وبعد سماع جنبلاط هذا الخبر، سارع لإعلان تأييده لفرنجية ففاجأ الجميع لان إعلانه هذا لم يأت من العدم ، وعندها نقل الخبر الى الحريري عبر الوزير وائل أبو فاعور بتوجيه من صديقه الاميركي هيل، وهو من خلال ذلك ضرب عصافير عدة بحجر واحد، فهو سيزيد من هوة الخلاف بين عون وفرنجية، وبين جعجع وفرنجية، وبالتالي سيزيد الهوة بين تيار المستقبل والقوات اللبنانية، وسيكون لغير المسيحيين قرار تسمية الرئيس المسيحي وهذا ما لن يقبله عون وجعجع، على الرغم من ان الرئيس فؤاد السنيورة اتصل بشخصيات من قوى 14 آذار، وأكد لهم أن الرئيس الحريري لن يصوّت لفرنجية في حال لم يوافق عليه الحلفاء.

ولفتت المصادر المسيحية الى الصمت الكبير لدى حزب الله ايضاً ، المبتعد اليوم عن الساحة السياسية، كي لا يُحرَج امام حليفه ميشال عون، معتبرة بأن هنالك مجموعة عقد سياسية ضمن ترشيح زعيم المردة ليست كلها مسيحية.

وعن إمكانية معالجة عقدة معراب في السعودية، اشارت الى ان العقدة لن تكون سهلة، وقد تفتح الطرق الوعرة بين الرياض ومعراب لحل هذه المسألة، لكن بالتأكيد ضمن ضمانات كبيرة وسلة متكاملة تكون السعودية الحارس الاكبر لها، وستكون على عاتق السفير السعودي علي عواض العسيري، الذي سيقوم بجولة مرتقبة خصوصاً الى معراب ضمن مهمة شاقة، لأن المعادلات الداخلية والخارجية لا تزال على حالها ولم تتغيّر، خصوصاً ان الملف السوري لم يتبلور بعد، وبأن فرنجية في حال وصل سيوّقع على ضمانات قل مثيلها، وابرزها إبتعاده اولاً عن الخط السوري، وإتجاهه صوب الوسطية الحقيقية ، لان فرنجية ليس فقط جزءاً من 8 آذار، انما هو مرشح الرئيس السوري بشّار الأسد، ومن هذا المنطلق فإن فريق 14 آذار سيفضّل حينها وصول عون الى الرئاسة، خصوصاً بعد إنفتاحه على القوات اللبنانية .