Site icon IMLebanon

بكركي تتحضّر للمهمّة الرئاسيّة… فهل تنجح بجمع النواب المسيحيين؟ 

 

 

يحتاج انتخاب رئيس الجمهورية الى توافق مسيحي وتوافق وطني والى غطاء دولي بطبيعة الحال. ويأتي حراك بكركي ليصبّ في اتجاه تأمين نوع من التوافق المسيحي أولاً، قبل الذهاب الى التوافق مع الكتل النيابية الأخرى، على إسم المرشّح الذي يملك المواصفات الملائمة للمرحلة المقبلة، والذي لا يُشكّل استفزازاً لأي مكوّن سياسي شريك في الحياة السياسية. فبعد القمة الروحية التي عُقدت في بكركي وجمعت رؤساء الطوائف المسيحية وممثليهم في لبنان، ثمّ البيان الذي صدر عن المجتمعين، جرى تفويض البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي لدعوة النوّاب المسيحيين الى اللقاء في بكركي، وحثّهم على المبادرة سوياً، مع النوّاب المسلمين، وفي أسرع وقت ممكن، لانتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية. وقد سبق وأن دعا البطريرك الراعي القادة المسيحيين للحوار لكنه فشل، غير أنّ عليه تكرار الدعوة توصّلاً الى إيجاد مخرج ما للأزمة السياسية والإقتصادية والمالية الراهنة.

 

تقول مصادر سياسية مطّلعة أنّ الإتصالات قد بدأت مع رؤساء الكتل المسيحية من “تكتّل لبنان القوي”، الى “كتلة الجمهورية القوية”، الى “نوّاب الكتائب”، و”التكتّل الوطني”، وصولاً الى النوّاب المستقلّين، والمنضوين في كتل أخرى مثل كتلتي “اللقاء الديموقراطي” و”التنمية والتحرير” وسواهما، لمعرفة موقفهم من الدعوة للإجتماع في بكركي. وتنطلق الدعوة من أنّه يجب على المسيحيين أن يتحاوروا فيما بينهم، وأن يعرض كلّ منهم هواجسه وتطلّعاته والحلول المقترحة، ويتوصّلوا الى قواسم مشتركة ما، يُمكن عرضها على النوّاب المسلمين في البرلمان، للإتفاق على السلّة السياسية المقبلة. علماً بأنّ توجيه الدعوات يتوقّف على الموافقة من قبل النوّاب المسيحيين على تلبية الدعوة، بعد تحضير جدول الأعمال، والنقاط الأساسية التي لا بدّ وأن تصدر في بيان عن المجتمعين.

 

فالدور الحواري لبكركي الذي أراده البطريرك الراعي منذ مدّة لم يتمّ حتى الآن، إذ دعا وفشل، على ما قال، ولهذا استُعيض عن الحوار الشامل ببعض اللقاءات الثنائية بين غبطته وبين كلّ من رئيس “التيّار الوطني الحرّ” النائب سليمان فرنجية ورئيس “تيّار المردة” سليمان فرنجية، كلّ على حدة، كما مع سواهما من الأحزاب الأخرى. وأتت القمّة الروحية التي عُقدت الأربعاء الفائت لحثّ البطريرك مجدّداً على جمع النوّاب المسيحيين، لما للتحاور فيما بينهم من أهمية لوضع النقاط على الحروف فيما يتعلّق بمرشح كلّ منهم لرئاسة الجمهورية، فضلاً عن مواقفهم من المواقع المارونية الأساسية التي ستشغر في غضون أشهر.

 

وأضافت أنّ الكتل المسيحية بدأت بإعطاء موقفها من هذه الدعوة، وقد حصلت على بعض المواقف الإيجابية حتى الآن من قبل بعضها. مع الإشارة الى أنّ ثمّة أمرا واحدا قد يجعل بعضها يتردّد، وهو عدم ثقة عدد كبير من النوّاب المسيحيين بإحدى القوى الأساسية. الأمر الذي قد يُشكّل عائقاً لديها، ستعمل بكركي على إزالته لتأمين حصول الإجتماع. كذلك لا بدّ من حصول ربط نزاع بين كلّ من رئيسي “التيار الوطني الحرّ” جبران باسيل و”القوّات اللبنانية” سمير جعجع سيما وأنّ الإختلافات السياسية كبيرة بينهما.

 

وثمّة مَن يُراهن على أن تؤمّن “القوّات اللبنانية” النصاب القانوني في حال جرى الإتفاق على مرشّح وسطي أو توافقي بين الأكثرية النيابية مثل قائد الجيش العماد جوزاف عون، على ما أكّدت المصادر عينها، فيما أقفل باسيل الأبواب أمامه، من خلال ما اتهمه به من فساد ومن تهريب للملايين، معتبرة أنّ هذا الكلام لا يمرّ مرور الكرام، إذ يطال أحد المرشّحين البارزين للرئاسة. وقد رأى فيه البعض أنّه لا يجوز لا سيما في المرحلة الراهنة التي يعيش فيها البلد أزمة إقتصادية ومالية خانقة، قد تؤدي الى توتّر أمني في الشارع بسبب الغلاء الفاحش لأسعار المحروقات والمواد والسلع الغذائية والدواء والإستشفاء وما الى ذلك والذي يتصاعد في كلّ ساعة، لا بل في كلّ دقيقة. وليس هناك بالتالي سوى عناصر الجيش اللبناني والأجهزة الأمنية الذين يقدرون على حماية السلم الأهلي من أي إشتباكات أو مواجهات عنيفة في الشارع.

 

ولهذا فإنّ اجتماع بكركي، على ما أوضحت المصادر نفسها، من شأنه على الأقلّ وضع حدّ أدنى من الإتفاق على عدم اعتماد الخطاب التشنّجي والإتهامي كونه أوصل البلد الى ما هو عليه اليوم من فوضى وانهيار على جميع الصعد. وأكّدت أنّ من يزور بكركي يلمس استياءً واضحاً منها تجاه النوّاب المسيحيين (الـ 64) لعدم انتخاب الرئيس حتى الآن. من هنا، سيُحاول البطريرك الراعي من خلال جمعهم في الصرح البطريركي، أن يجمع باسيل مع النوّاب الآخرين، بهدف الإتفاق على إسمين أو ثلاثة مرشّحين للرئاسة يُمكن طرحهم والتفاوض عليهم مع النوّاب المسلمين الذين يُمثّلون النصف الثاني من المجلس النيابي.

 

وإذ تُعوّل على حصول هذا الإجتماع الذي يجري التحضير له في بكركي، تلفت الى إمكانية أن يتحوّل لاحقاً الى اجتماع للقادة المسيحيين الموارنة من الصفّ الأول، في حال نجح هذا الإجتماع وأرسى البيان الذي سيصدر عنه التوافق المسيحي على خطوط المرحلة المقبلة ككلّ. فالأساس هو عدم التخلّي عن الواجب الوطني وعن المسؤولية التي أوكلها الشعب لهؤلاء النوّاب لانتخاب رئيس الجمهورية باسمهم، وعدم ترك لبنان يغرق في مستنقع الإنهيار أكثر فأكثر.