IMLebanon

عن الحوار والتسريب والتخريب

 

بطريقة غير مفاجئة، تمّ تسريب خبر الحوار المسيحي المستمر في مطرانية انطلياس، برعاية المطران أنطوان أبي نجم، ثم تمّ ترتيب تغطية إعلامية للقاء، وكأنه تتويج لنهاية حوار مسيحي- مسيحي، مؤهل لإصدار وثيقة سياسية، يجمع عليها الأطراف المسيحيون.

 

لا مصلحة لأي طرف مشارك في الحوار، أن ينقض ما اتفق عليه، بأن يكون هذا البحث بعيداً عن الإعلام، حتى نضوج الاتفاق على الوثيقة السياسية، ولذا اتجهت الأنظار إلى رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل، الذي تمّ التأكد أنه قرر التسريب، لأهداف لم يتم تحديدها إلى الآن. وقد أدى التسريب إلى اهتزاز الحوار، وهدد بعض المشاركين بعدم الاستمرار به، قطعاً للطريق على أي استثمار سياسي، يطمح لاستغلال حوار لم ينضج، لتوظيفه في حسابات سياسية مع الحليف الأبرز «حزب الله».

 

استاء المرجع المعني بإدارة الحوار، من التسريب ووصفه بأنه تسريب شيطاني، لكنه تعهد بأن يتم استكمال الحوار، بعيداً عن حرتقات التسريب والتخريب، حيث يتم بعد الآن، منع نقض العهود الشكلية، بالحفاظ على التكتم، توصلاً لنيل النتائج المتوخاة.

 

اتخذ النائب باسيل القرار بتسريب الحوار، بالتزامن مع بدء البحث بالنقطة الجوهرية، المتعلقة بسلاح «حزب الله». هناك جملة حاسمة يتم النقاش حولها، تقضي بالإعلان عن رفض أي سلاح خارج الدولة، وتحديداً سلاح «حزب الله»، وتالياً يتضمن الاتفاق المطالبة بنزعه، فهل كان الهدف من التسريب تعطيل الحوار، لعدم البت بهذه النقطة، وتفادي شرب الكأس المرة في العلاقة مع «حزب الله»؟ أم أنه كان مجرد «ميسد كول» عوني لـ»حزب الله»، الهدف منه القول إنه إذا لم تتم تلبية مطالب «التيار»، فهو ذاهب حكماً إلى مكان بعيد عن «الحزب»؟

 

الأرجح أنّ الهدفين لا يتعارضان، لكن قرار التسريب الذي حاول نقل الحوار من الجدية إلى الاستعراض والاستثمار، يؤشر إلى زئبقة زبائنية ما زالت وستبقى أسلوباً معتمداً، لكن هذه المرة من أصيب بالتسريب كانت الجهة الراعية وهي الكنيسة، التي تجهد لجمع القوى المسيحية، في وثيقة واحدة تحت غطاء البطريرك الراعي.

 

يسلّم الممثلون العونيون في هذا الحوار، بأنّ سلاح «حزب الله» مشكلة، لكنهم ومن خلال النقاش في ما يفترض الاتفاق عليه، يطرحون إيجاد حل للسلاح على مراحل، فيما يجمع المتحاورون الآخرون، على تكريس مبدأ رفض وجود السلاح غير الشرعي، ويركز هؤلاء على أن تكون الوثيقة واضحة من دون التباس في ما يخص السلاح، بحيث تتحول من وثيقة مسيحية، إلى نص وطني يلتقي حوله الكثير من القوى، يؤسس لتقاطع، رافض لتكريس رئيس يحمي السلاح، ولتكريس التقاء حول الدستور واتفاق الطائف، والأسس التي يفترض أن تستعاد لبناء الدولة.

 

هزّ باسيل ثقة الكنيسة، وهناك شعور دائم بأنه يناور ويبازر، لا بل إنه يخشى اتخاذ خطوة جذرية في العلاقة مع «حزب الله»، وستكون جلسات الحوار المقبلة اختباراً حقيقياً، لكل تلك المناورات.