IMLebanon

بين مخاتلة باسيل وحنق حزب الله .. ما دور حرب غزة، أيّ تاريخ سيُكتب للبنان؟

 

للحظة يختال رئيس التيار الوطني الحر على مسرح السياسة في لبنان النائب عن قضاء البترون جبران باسيل، وكأن بيده مفاتيح المستقبل والعلم بالغيب. ويتحرك رئيس حزب «القوات اللبنانية» من موقع تسجيل «نحن هنا.. وليس إلَّا…»، وتحاول البطريركية المارونية، من زاوية تعنيها أن تتحدث عن محاولة أو مؤامرة لإقصاء الرئيس الماروني عن السلطة وعن موقع رئاسة الجمهورية، ثم إحتكار قرار الحرب في المنطقة، ومع اسرائيل، وهذا من حق الدولة وحدها، ولو كان هناك رئيس للجمهورية، لكان الأمر من حقّه الحصري…

من ناحية المبدأ، بعض ما يجري يكتسب صفة الحق المشروع، من باب المشاركة، في الحياة السياسية والوطنية.. (ولكن، لو وضع الأمر، في سياق «مرحلة طوفان الأقصى» التي بدأت في 7 ت1 (2023)، ولم تنتهِ بعد، ويرجح ان تطول لوقت قد يمتد لسنوات، ليس على مستوى الحرب، ولكن على مستوى نتائجها الكبري، التي سترسم مسارات أساسية ومتفرّعة، تتعلق بالقضية الفلسطينية، ومصير الأراضي اللبنانية المحتلة في مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والشطر الشرقي من بلدة الغجر والماري وغيرها من القرى، حتى القرى السبع منها، وصولاً الى الجولان السوري المحتل، وباقي الأراضي الفلسطينية، فضلاً عن مستقبل التوازنات في الشرق الاوسط، وتخوم «الجيوبوليتكا» الدولية (من معركة البحار والمحيطات!) الحرب الأوكرانية – الروسية..

 

باسيل، الذي يلعب على حبال الأزمة من بعيد، خرج من التفاهم مع حزب الله، ونحا منحى بكركي، ليدعو يوم الجمعة الماضي البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الى حمل راية الدفاع عن إقصاء المسيحيين، أو المكوّن المسيحي المتعمد عن المشاركة في القرار، واضعاً أمام بكركي خياراً واحداً، وليس الإعتذار عن جمع القيادات المسيحية بحجة أن أحدهم يرفض تلبية دعوتها، فمسؤوليتها أن توجه الدعوة، ومن لا يلبي، يتحمل مسؤولية غيابه والإقصاء أمام التاريخ والناس.

هذا التحليل، ليس معنياً بمساجلة باسيل أو غيره.. ولكن من الحق، في هذا المجال طرح الاسئلة المشروعة التالية:

 

1 – هل حدَّد، ولو لمرة واحدة، السيد باسيل مسؤوليته، ومسؤولية تياره عن عملية الإقصاء، اذا كان ثمة من إقصاء؟.

2 – أين المراجعة النقدية لتجربة التيار الوطني الحر في حكم البلد، بصورة، كادت أن تكون إفرادية، 6 سنوات، هي عهد الرئيس السابق ميشال عون، وما آلت اليه من مشاكل، وتعقيدات، إن لم يقل المعارضون لسياساته «فضائح»؟

3 – على رئيس التيار، ان يجيب على سؤال واضح، والإجابة عنه راسخة لدى الجميع: هل كان للمكوّن الشيعي، وحزب الله، على وجه خاص، دور في ايصال مؤسس التيار الوطني الحر الى سدة الرئاسة الاولى، واطلاق  يده في ادارة الدولة، خاصة ايام حكومة حسان ذياب؟

4 – من واجب التيار الحر أن يكشف على الملأ لِمَ عرقل تأليف حكومة أصيلة، كان مشاركاً فيها بقوة، ثم مَن فرض عليه مقاطعة الجلسات الحكومية، وجلسات التشريع النيابي، إلَّا في ما ندر؟

5 – لماذا يمتلك باسيل، وسواه من صقور الممانعة المسيحية، والمارونية، لوصول النائب السابق سليمان فرنجية إلى الرئاسة الأولى، الحق الحصري، في وضع «الفيتو»، والقتال بشراسة، لمنع «الزعيم الزغرتاوي»، الذي ضحى بالرئاسة قبل 31 ت1 (2006)، من أجل إفساح المجال لوصول العماد عون إلى بعبدا..

تتوقف القصة، ومسار الاسئلة، عند بديهية، يتعين على تيار «الميثاقية» والشراكة، وكل الصفات الحسنى، من «محاربة الفساد»؟؟ إلى الفوضى في مواصفات العقل «الفدرالي»، فإن لم يكن حبياً، فبقوة «الأمر الواقع» على الأرض، أن يقر أو لا يقر بها: هل لولا «تفاهم مار مخايل».

(وبالمناسبة لست كشخص معني بأي شكل من أشكال التفاهمات من هذا النوع) لتمكن من الوصول الى كتلة برلمانية وازنة، وتغيير قانون الانتخاب من أكثري الى نسبي (بمواصفات السيد باسيل)، وصولاً الى التفرد بحكم البلد خلال ولاية الرئيس عون؟

لا تعني المكابرة شيئاً في هذا المجال، فالحقائق المدونة، والمسجلة، والمحققة، تحكي عن نفسها، وعن الثمن البالغ المرارة الذي قبضه أو دفعه المواطن اللبناني على المستويات كافة..

في لحظة، يبدو أنها منتقاة، خرج، ويخرج النائب باسيل على الناس، بمناسبة أو بغير مناسبة لحمل سيف النقد، من باب التحريض على حزب الله، وهو في وضعية، ليست سهلة، لجهة المواجهة المكلفة على جبهة الجنوب مع اسرائيل (وللمناسبة ما يزال رئيس التيار يعتبرها عدواً)..

فجأة تذكر أن دخول الحزب الى سوريا لمقاتلة ما يسمى «بالإرهاب التفكيري» كان واقعاً بمحلّه الصحيح، أما نصرة غزة المظلومة، وشعبها المكلوم، فمسألة، تتعلق بالقرار السيادي، وحزب الله لم يستشر أحداً، لا سيما السيد باسيل، من المشاركة أو عدمها في الحرب..

في اللحظة هذه، نأى حزب الله عن المساجلة.. وقرر المضي الى يومه وساعته، على جبهة الإسناد لغزة، الآخذة بالتوسع، وعلى جبهة إدارة الدولة، من زاوية دعم حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، وفي دوائر الحزب حنق على توقيت «الهجوم العوني»، وانزعاج من مواصلة الحملة، وادخال السّم في العسل، فشهداء الحزب، الذين هم عند ربهم يرزقون، ما يزالون شهداء، في نظر باسيل، من زاوية انهم لبنانيون، وليس من زاوية الدفاع عن لبنان وجنوبه، بل عن زعيم المقاومة المسلحة في غزة يحيى السنوار؟!

تتغلب روح اللامسؤولية على الخطاب الداخلي، وعلى الخطاب المسيحي، والماروني، بوجه خاص، ضد دور حزب الله، وموقعه، في صراعات فرضت على لبنان، منذ نشأة «الكيان» (أي اسرائيل) إلى يومنا هذا… (وإذا كان للتاريخ أن يقول كلمته في يوما ما.. فإن يوميات ما يجري ستكتب تاريخاً، ما يزال هيولانيا للبنان ما بعد حرب غزة!