IMLebanon

اطلعوا من أحقادكم

 

 

لا تفاجئنا المواقف المسيحية المتناقضة من القضايا كافة، فهذا نهج القيادات دائماً وأبداً. ونحن إذ نتألم لهذا الواقع المرّ نرى أنه في هذه الأيام الحاسمة المصيرية يحمل في طيّاته نُذر شرور كبرى.

 

ونستغرب هذه الشرذمة المتمادية في الصف المسيحي فيما تعمل سائر الأطياف اللبنانية على تراصّ صفوفها، كما حدث لدى الأخوة في المواطنة أهل السنة، وأيضاً الأخوة المواطنون الموحدون الدروز… إذ استظلّ كلُّ طرفٍ منهما أفياء مرجعيته الروحية في مسعى للتبصّر في حال العباد والبلاد،  وأيضاً تهيئة الحد الممكن من الاستعداد للأحداث الجسام في حال تعرض لبنان للحرب إذا ما بقي سفاح العصر بنيامين نتانياهو راكباً رأسه وقرّر الهجوم على لبنان، وكذلك إجراء الاتصالات ولو ما كان منها في المستطاع تداركاً لجرّ لبنان الى نموذج آخر لما نشاهده من مجازر في قطاع غزة.

 

أين القيادات المسيحية الروحية والزمنية من هذا الحراك؟ نعرف أن السيد البطريرك مار بطرس بشارة الراعي كان منشغلاً في الأعمال السينودسية ذات الأهمية الاستثنائية في تاريخ الكنيسة الأم الجامعة والكنائس المحلية والإقليمية والقارية ذات الصلة… وفي تقديرنا والأمنيات أن يبادر غبطته، قريباً، الى دعوة ذات طابع شمولي ليس لتوحيد الموقف من مجريات الحروب والمجازر التي تُرتكَب في أبشع صورها التاريخية بحق الأطفال والنساء والشيوخ في غزة، إنما على الأقل للتحسب لما قد يستجد من التداعيات الكارثية للحرب فيما لو شُنّت على لبنان.

 

أين المسيحيون، كجماعة، من هكذا مخطط كان يفترَض أن يوضع منذ اليوم الأول لاندلاع الحرب؟ ولا نقبل جواباّ من نوع: المسيحيون منقسمون أصلا ً وأي اجتماع لن يبدّل في هذه الحال تبديلاً. لأننا لا نطلب توحيد المواقف ولا العواطف ولا الانتماءات بالطبع، إنما نطلب ونُصرّ على الحد الأدنى من التضامن والتفاهم على إجراءات الوقاية.

 

ثم، أما حان لهذا الانقسام المسيحي المؤلم والمخزي أن يتوقف (ولو موقتاً)؟ المثال على ذلك؟ لننظر في حراك رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل الذي رحّب به الذين زارهم تباعاً بدءاً بسماحة مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان فرئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي وبعده الزعيم وليد جنبلاط ثم الرئيس نبيه بري ومن ثَمّ النائب فيصل كرامي فزعيم تيار المردة سليمان فرنجية وسواهم(…)، وكان تحادث وسماحة السيد حسن نصرالله. وما بينه ومعظمهم ما صنع الحدّاد من خلافات. وحده قائد القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع انتقد حراك باسيل وبشدّة… فهل من مثال على الخلافات بين المسيحيين، لا سيما الموارنة، أبعد مدىً من هذا؟!.

 

فإذا كانت الأوضاع الأكثر من مأزومة ومخيفة ومصيرية ورهيبة لا توصل الى نوع من التفاهم بين المسيحيين اللبنانيين (وإن مرحلياً) فما الذي يوصل إليه؟. مع حرصنا على تكرار التأكيد أننا لا ندعو الى وحدة الموقف السياسي، فقط ندعو الى وحدة النظرة والعمل والاستعداد لتدارك الآتي الأعظم.