أكثر من قراءة سجّلت في الأيام القليلة الماضية لما طرحته «القوات اللبنانية» في مجال مشاركة القطاع الخاص في إنتاج الكهرباء، وردّة الفعل المتحفّظة والسريعة على ذلك من قبل «التيار الوطني الحر». وبصرف النظر عن التحليلات حول انفراط عقد التحالف بين «الثنائي المسيحي»، أو بداية الإختلاف بينهما في مقاربة العناوين الداخلية، فإن أوساط سياسية مشاركة في اجتماعات الثنائي الأخيرة، جزمت بأن كل ما يطرح على هذا الصعيد يجافي الواقع الفعلي لتحالف ما زال وثيقاً بين الطرفين. واعتبرت أن كل من يذهب في اتجاه ترجمة أي تباين في وجهات النظر على أنه مؤشّر إلى بداية الخلافات، فهو لم يقرأ وثيقة التفاهم الموقّعة بينهما، والتي شملت الإتفاق على عشرات العناوين والملفات السياسية وغير السياسية في كل المجالات الإنمائية والإقتصادية والإجتماعية. وكشفت هذه الأوساط، أن الحسابات السياسية البسيطة والآنية لا تدخل في جوهر تفاهم «الثنائي»، بل ما يجمعهما هو الرهان المشترك على قيام مشروع الدولة من خلال مكافحة الفساد والهدر وتحقيق الإنماء من خلال مشاريع واقتراحات تحقّق الهدف الأساسي، والذي يتفق عليه الطرفان والمتمثّل بنجاح عهد الرئيس العماد ميشال عون بكل الوسائل المتاحة.
والسؤال الذي يطرح نفسه بعد كل ما تردّد في الأيام الماضية عن تباين، على الأقلّ في ملف الكهرباء، يتركّز حول مواجهة أي عقبة مماثلة في المستقبل، خاصة إذا كانت هذه العقبة مرتبطة بعنوان سياسي أو محطة دستورية. عن هذا السؤال تكشف الأوساط نفسها، أن الشراكة كاملة بين «القوات» و«التيار الوطني» أو العهد، إنطلاقاً من أن «القوات» تعتبر العهد عهدها، وهو يشكّل الفرصة لتكون دولة في لبنان. كذلك أضافت أن «القوات» ترى نفسها شريكة في النجاح الذي يحقّقه العهد، كما في الفشل، وبالتالي، فهي تعرض أفكارها دعماً للعهد ولشركائها، وهذا الأمر ينطبق على أكثر من عنوان ومجال، وليس فقط في مجال الكهرباء. ولعلّ الحرص على توطيد التفاهم بين «الثنائي المسيحي»، هو الإتجاه الأكيد الثابت والمحسوم، على حدّ قول الأوساط نفسها، والتي نفت أن تكون زيارة الدكتور سمير جعجع إلى قصر بعبدا، قد تناولت ملف الكهرباء، معتبرة أن اللقاءات متواصلة للتنسيق في كل الملفات، وليست كلها معلنة. وأشارت إلى أن ورقة التفاهم تضمّنت بنداً أساسياً حول إنهاء عهد المحاصصة، مؤكدة أن كل الإقتراحات، ومن قبل الطرفين، تصب في تنفيذ هذا البند، وخصوصاً من قبل رئيس الجمهورية الذي يشدّد على الوقوف سدّاً منيعاً في وجه المحاصصة، ويقود مسيرة الإصلاح لأنها تتجاوب مع رغبة جميع اللبنانيين التواقين إلى وطن تسوده العدالة والمساواة.
وفي سياق متصل، سجّلت لقاءات ثنائية في الأيام القليلة الماضية بين مسؤولين كبار قواتيين وعونيين تخطّت ما سجّل على هامش الإقتراح «الكهربائي»، الذي وصفه وزير الطاقة سيزار أبو خليل بـ «سوء تفاهم». وتحدّثت معلومات عن لقاءات واجتماعات موسّعة بقيت بعيدة عن الإعلام، عرضت فيها كل عناوين اللحظة الداخلية كقانون الإنتخاب والموازنة العامة، وذلك في إطار التعاون في مقاربة التحدّيات الحاضرة، والوقوف معاً في المعركة المعلنة ضد الفساد.
وأضافت المعلومات أن الخلاف التقني في ملف الكهرباء، بحث بين المعنيين بشكل مفصّل، حيث أن العنوان الأساسي الذي اتفق عليه الجميع كان أولاً تأمين التيار الكهربائي 24 ساعة على 24 للبنانيين، وثانياً تحقيق إنجاز للعهد من خلال المعالجة الجذرية لأزمة مستمرة منذ عشرات السنين. وأوضحت أن التباين في هذا الإجتماع اقتصر على التفاصيل التقنية المتعلقة بالأمكنة المخصّصة لإقامة المعامل وبالإنتاجية. كذلك، ذكرت المعلومات أن قانون إشراك القطاع الخاص في إنتاج الكهرباء موجود ومطروح منذ مدة طويلة، ولكنه لم ينفّذ، وأن ما هو مطروح اليوم لا يتعدى الذهاب إلى ما هو أبعد من تنفيذ القوانين الصادرة على هذا الصعيد التي بقيت معلّقة نتيجة الخلافات السياسية والمحاصصة.