Site icon IMLebanon

الثنائي المسيحي إلى الإنتخابات بقانون الستين

من غير المتوقع أن تؤدّي مبادرة البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي الى انتخاب رئيس لمدة سنتين. فالمبادرة دُفنت في مهدها، لأسباب عدة ابرزها رفض تقصير ولاية الرئيس وإفقاده المزيد من الصلاحيات التي ستؤثر على موقع الرئاسة ودورها على المديَين المتوسط والطويل.

إزاء الفراغ المتوقع أن يطول، دخل الوضع السياسي في مرحلة جديدة هي مرحلة ما بعد الانتخابات البلدية، التي على ما يبدو، وتجاوزاً لما أفرزت من نتائج في البقاع وجبل لبنان وبيروت، عزّزت دينامية المطالبة بإجراء الانتخابات النيابية وفق أيّ قانون، حتى لو كان قانون الستين.

على الصعيد المسيحي، لم يعد ممكناً قراءة معادلات وتوازنات القوى إلّا من خلال التفاهم العوني – القواتي الذي تحوّل تحالفاً يهدف الى اقتسام النفوذ مسيحياً، بعدما نجح في تجاوز عقدة المرور الحكمي عبر التفاهم السياسي.

فبعد 18 كانون لم يعد مهماً السؤال عمّا يتفق عليه «التيار» و»القوات» في السياسة والمبادئ، بل عن كيفية العمل للفوز في المناطق المسيحية، في الاستحقاقات البلدية والنيابية، فضلاً عن الاستحقاق الرئاسي، الذي يبدو فيه الدكتور سمير جعجع ثابتاً في ترشيح العماد ميشال عون حتى النهاية، الى درجة أنّ أحد المراقبين شبّه علاقة جعجع بعون بعلاقة السيد حسن نصرالله بسائر قيادات الطائفة الشيعية، تلك العلاقة التي هي المعبر الإجباري لكلّ مَن يريد أن ينال موقعاً شيعياً في الادارة او السياسة، واليوم يضيف المراقب، يسعى الدكتور جعجع ليكون نصرالله المسيحيين، القادر على تزكية مرشح الرئاسة وإيصاله، والقادر أن يكون المعبر الاجباري لتحديد الاحجام والادوار وفق معيار المرور الاجباري بمعراب.

نظرة سريعة على نتائج الانتخاب، تدلّ على أنّ الثنائي المسيحي غير المتناغم سياسياً، لم يستطع في الانتخابات البلدية أن يُحقّق القفزة التي وعد بها، حيث أمل في أن يكتسح في معظم المناطق والبلدات.

صحيح أنّ عوامل كثيرة لم تساعد «القوات» و«التيار» في تحقيق هذا الهدف، منها وجود قوى أساسية لها حضور فاعل في زحلة والمتن الشمالي وكسروان، إلّا أنّ ذلك لم يكسر التفاهم ولم يُصبه بأيّ أضرار، باستثناء تلك التي أصاب نفسه بها جراء المعارك التي خاضها ركنا التحالف في مواجهة بعضهما البعض، كالحدث وجونيه وغيرهما من البلدات والقرى.

هذه النتائج ستفرض نفسها في الانتخابات المقبلة خصوصاً في زحلة والمتن وكسروان، ففي زحلة لا يمكن إسقاط قوة «الكتلة الشعبية» والنائب نقولا فتوش، خصوصاً إذا ما اضيف لهما الصوت السنّي، وجزءاً من الصوت الشيعي، اما في المتن فقد بدا أنّ النائب ميشال المر ما زال الرقم الصعب، وأنّ الكتائب برئاسة النائب سامي الجميل بدأت تستعيد جزءاً من دورها، وهاتان القوّتان قد تشكلان قاعدة انطلاق لخوض معركة انتخابية على اساس القضاء. غير أنّ التحالفات النيابية في المتن قد تكون مفتوحة على كلّ الخيارات والاحتمالات بما فيها إعادة الحسابات وخلط الاوراق.

ويبقى السؤال: هل دقت ساعة معركة الانتخابات النيابية السنة المقبلة، وهل ما يجري في اجتماعات اللجان المشتركة من نقاش حول قانون الانتخاب يؤشر الى احتمال إنتاج قانون نيابي جديد؟

الواضح أن لا ملامح لأيّ اتفاق ممكن حول هذا القانون، ففيما يحاول الرئيس نبيه برّي طرح النقاش حول قانونه المختلط، غير المتفق عليه، تسقط الاقتراحات الأخرى الواحد تلوَ الآخر ومنها القانون المختلط الذي اتفق عليه كلّ من «القوات اللبنانية» وتيار «المستقبل» والحزب التقدمي الاشتراكي، ولن يبقى في الميدان حسب مصادر متابعة سوى خيار العودة لقانون الستين، الذي لم يعد يلقى معارضة من بعض القوى وخصوصاً من الثنائي المسيحي، لكنّ السؤال الكبير سيصب حول موقف هذه القوى وخصوصاً مسيحيّي «14 آذار» و«القوات اللبنانية» من اجراء الانتخابات النيابية في ظلّ الفراغ الرئاسي.