Site icon IMLebanon

القوى المسيحية تختبر قدرة التأثير منفردة خيط رفيع بين رفع السقوف والتداعيات

يمتحن أفرقاء مسيحيون أساسيون وهم “القوات اللبنانية” و”التيار الوطني الحر” والكتائب قدرتهم على ادارة دفة القرار الداخلي من دون دعم من حلفائهم من الطوائف الأخرى من جهة واثبات وجود القرار المسيحي في يدهم وحدهم دون سائر الافرقاء والنواب المسيحيين الآخرين من جهة أخرى، وذلك من خلال تعطيل فائدة مشاركة هؤلاء في الجلسة التشريعية المرتقبة الخميس المقبل. ففي موضوع تعطيل مجلس النواب في ملف انتخاب رئيس جديد للجمهورية يقف “حزب الله” وقوى اخرى من 8 آذار الى جانب التيار الوطني الحر في منع تأمين النصاب ما لم يتم انتخاب العماد ميشال عون رئيسا. وفي تعطيل الحكومة يقف الحزب أيضاً الى جانب عون في شروطه اعتماد تعيينات امنية جديدة والاتفاق على آلية مختلفة للقرار في مجلس الوزراء. وفي مسعى للحؤول دون انعقاد جلسة تشريعية تقر خلالها جملة مشاريع بات اقرارها اساسيا لا سيما منها مشاريع مالية يهدد عدم اقرارها الوضع المالي للدولة اللبنانية وتصنيف لبنان، يقف “التيار” و”القوات” في جانب واحد ويلاقيهم حزب الكتائب في الرغبة في عدم المشاركة وإن لأسباب أخرى مبدئية تتصل بعدم جواز ان يشرع مجلس النواب قبل انتخاب رئيس للجمهورية في حين يشترط الاثنان الآخران وضع قانون انتخاب جديد على جدول اعمال الجلسة التشريعية. هذا الامتحان يرفعه الطرفان المسيحيان في وجه حلفائهما قبل خصوم كل منهما ويرغبان في الحصول على ما يكرس وحدانية تعبيرهما عن المسيحيين دون سواهما تحت طائل وصم الجلسة التشريعية باللاميثاقية على رغم مشاركة نواب مسيحيين آخرين علما ان هناك شوائب اساسية تعتري موقف الطرفين الاساسيين المعنيين تتمثل في عدم وجود اتفاق بين القوات والتيار العوني على قانون انتخاب واحد يتم الدفع فيه على انه ما يطالب به الأفرقاء المسيحيون الاقوى شأنهما في ذلك شأن عجزهما على الاتفاق على مقاربة واحدة لموضوع رئاسة الجمهورية بحيث يمكن فرض هذه المقاربة على الافرقاء الاخرين.

يراهن سياسيون على ان تحرك حاكم مصرف لبنان وجمعية المصارف في اتجاهات تحذير السياسيين من مغبّة اجهاض جلسة تشريعية كان محرجاً خصوصاً للقوى المسيحية المعارضة للجلسة نظرا الى انه سلط الضوء على ان المسألة لا تتصل بالصراع السياسي القائم بل بات واقعا لا مناص من مواجهته. ويراهن هؤلاء السياسيون على ان كلاً من “القوات” او التيار العوني لا يستطيع تحمل تبعة ان يواجه لبنان تحديات تخفيض تصنيفه وعدم اقرار مشاريع تتصل بوضعه المالي، فهذه مسؤولية تبعاتها خطيرة ولا يود أي منهما ان يكون من يجهض احتمال انعقاد جلسة تشريعية من اجل ذلك او ان يقفا في وجه ذلك خصوصاً ان مصالح اللبنانيين على المحك ما يعني خسارة شعبية مؤكدة اذا تم تعطيل الجلسة لسبب ما، لكن من مصلحتهما ان يرفعا سقف مطالبهما من اجل تحقيقها ومن اجل تعزيز موقع كل منهما لدى حلفائه. وحين يطلق البطريرك الماروني الدعوة الى مقاربة موضوع الوضع المالي وان مغلفة بدعوات لاخذ مطالب الافرقاء المسيحيين في الاعتبار، فإنما استنادا الى ان الاولوية المالية تسبق الاولويات الاخرى ولا تلغيها. وكان مفاجئا بالنسبة الى بعض المراقبين ان يعطي رئيس حزب القوات الدكتور سمير جعجع قانون استعادة الجنسية وقانون الانتخاب الاولوية “والباقي تفاصيل” كما قال في حين انه يدرس بتأن مواقفه. وحين كاد التيار الوطني ان يوافق الاسبوع الماضي على المشاركة في الجلسة التشريعية بعد وضع بندين من مطالبه على جدول اعمال الجلسة التشريعية عاد عن قراره بعدما شارف اعلان النيات بينه وبين حزب القوات على الاهتزاز فعلا اذ كانت المشاركة العونية ستترك حزب القوات وحده مشترطا وضع قانون الانتخاب على جدول اعمال الجلسة التشريعية بعدما حصل التيار العوني على بندين له في الجلسة. فتم انقاذ اعلان النيات باعادة التنسيق والاتفاق على موقف موحد. وحتى الآن خاض الفريقان تجربة الاندفاع معاً بالقانون الارثوذكسي على غير اتجاهات حلفاء كل منهما فلم يتمكنا من فرض الاخذ بموقفهما كفريق مسيحي له التطلعات نفسها وعاد كل منهما الى الانضواء تحت سقف تحالفاته الواسعة. وعلى رغم ان الفارق راهنا بين المرحلة السابقة والمرحلة الحالية هو وجود اعلان نيات بين التيار الوطني وحزب القوات، فإن موقفهما الموحد يفتقد الى قانون انتخابي واحد متفق عليه وذلك ما لم يكن مطلب وضع قانون الانتخاب هو لنيل ترضية معنوية شكلية ولكن مهمة ليس الا، اي ان الافرقاء المسيحيين الاساسيين او بالأحرى الفريقين المعنيين يمكنهما بقوتهما التمثيلية فرض ما يرغبان في ادخاله على جدول الأعمال ولو ان قانون الانتخاب لن يقر بل سيتم ترحيله مجددا الى اللجان او لجنة ما لدرسه خصوصاً في ظل وجود مجموعة مشاريع مرتبطة اكثر من انتخابات رئاسة الجمهورية بالصراع الداخلي والاقليمي انطلاقا من ان قانون الانتخاب اكثر اهمية بالنسبة الى التوازنات السياسية في البلد ومحاولة تغليب فريق على آخر.

ثمة محاذير في المقابل من تحويل الخلاف على الجلسة التشريعية ازمة مسيحية – اسلامية مع طرح مشاريع قد تجد تربة خصبة لتسعير المواقف ورفع السقوف كمشروع اعطاء جنسية الام لاولادها في هذا التوقيت بالذات ما يعمق المأزق في البلد بدلاً من المساعدة على الخروج منه.