على الرغم من التسمية التي اطلقت على حكومة العهد بأنها المعنية اولاً واخيراً بإقرار قانون انتخابي ، بات اللبنانيون يشعرون اكثر من أي وقت مضى بفشل السياسييّن في الاتفاق على هذا القانون كما جرت العادة في كل الملفات، بحيث يتخوفون من تأجيل تقني لمدة ثلاثة اشهر للانتخابات النيابية كما يُردّد منذ فترة ، لكن هنالك مخاوف من تأجيل متكرّر من ثلاثة الى ستة اشهر وحتى تسعة الى ان يحصل التمديد، بحسب قراءة سياسية لمصادر متابعة يحذرّون من هذه المسرحية، لان الوقت يكاد ينتهي ولا بحث جدياً في اطار القانون الانتخابي، خصوصاً ان النواب يبحثون عما يُعيدهم الى الساحة البرلمانية من جديد.
الى ذلك ترى هذه المصادر انه في ظل الطروحات السابقة على خط القانون الانتخابي، فالقوى المسيحية تطمح ضمناً الى إقرار القانون الارثوذكسي لكنها لا تتجرأ على طرحه في هذا الوقت بالذات، لان العهد يعمل من اجل التوافق لا التناحر والقانون الارثوذكسي مُتعب بالنسبة لعدد كبير من القوى السياسية وفي طليعتها تيار «المستقبل». في حين يصفه القادة المسيحيون بالصيغة الصالحة لتحقيق التمثيل العادل لكل الفئات الشعبية، وترسيخ المناصفة بين المسيحيين والمسلمين، بما يحفظ دور كل المجموعات اللبنانية في الحياة الوطنية، وحق كل الطوائف في الاختيار الصحيح لممثليها، وهو استطاع قبل فترة جمع القادة المسيحيين الاربعة في جلسة مصارحة، ومن ثم لم نعد نسمع به كقانون، مع العلم انه الطرح الوحيد الذي جمع هؤلاء القادة، والسبب مصلحة بعض الافرقاء الاخرين الذين سيخسرون مقاعدهم في حال إعُتمد كقانون انتخابي. ويؤكد الرافضون لهذا القانون البحث بأي أفكار لا تنطلق من اتفاق الطائف وصيغة العيش المشترك، واصفين هذا الطرح بالطائفي الذي يقسّم المجتمع اللبناني الى مذاهب، بحيث سجّلوا اعتراضهم على فكرة ان كل طائفة تنتخب نوابها، لأن النائب يمثل الشعب اللبناني بإعتبار ان كل الأقضية متداخلة من حيث التنوع الطائفي، وإعتبروا انه سيُحّول لبنان من مجتمع موّحد الى مجتمع يكرّس فيدرالية الطوائف سياسياً، فيما هدف اتفاق الطائف تحقيق الوحدة الوطنية وتمتينها، لدرجة ان البعض رأى فيه سبباً لعودة الحرب الاهلية وبالتالي نهاية لبنان، مع العلم انه كان القانون الذي سيعطي الحق الفعلي للمسيحيين، لكن ذلك الرأي الرافض إختصر حينها أراء اكثرية نواب «المستقبل». فأتى طرح آخر هو قانون النسبية الذي قوبل ايضاً برفض كبير من التيار عينه والنائب وليد جنبلاط ، لانه لن يوصلهم الى النيابة، رغم تناقل عبارات معظم السياسيين بأن هذا القانون يحمي الجميع ويشكل ضمانة لكل اللبنانيين ولكل الجهات، وهو يحّد من سيطرة المحادل الانتخابية القادرة على إلغاء منافسيها، اي عوض فوزها بكامل المقاعد ضمن دائرتها الانتخابية تفوز فقط بنسبة معينة توازي حجمها، فتترك مجال التمثيل للآخرين وفق احجامهم، وتفعّل تطبيق الديموقراطية لان التمثيل سيشمل كل الشرائح الشعبية، وتساهم في تمثيل أدق وأكثر عدالة لكافة القوى السياسية، وبالتالي تمنح كل طرف سياسي عدداً من المقاعد النيابية ينسجم مع حجم قاعدته الشعبية، في وقت كانت القيادات فيه تلجأ الى تعديل الأنظمة الانتخابية كل مرة وفق المتغيرات، لكي تضمن وصولها الى السلطة. وهذا ما حصل في كل الدورات الانتخابية منذ اتفاق الطائف، مما قطع الطريق على تطوير نظام ديمقراطي عصري يحّول لبنان الى دولة حديثة تمثل كل مواطنيها.
لذا ومن هذا المنطلق وبحسب ما ترى المصادر المذكورة، يجب ان يكون التنسيق قائماً اليوم بين المكونات المسيحية الاساسية، للخروج بموقف موحّد خصوصاً في قانون انتخابي يريح المسيحيين اولاً ويوصل نوابهم بأصواتهم، وهذا افضل بكثير من وصولهم عبر «البوسطات والمحادل».
وتختم المصادر بدعوة كل الافرقاء المسيحيين الى الاتحاد في كل المسائل الهامة، بهدف تحقيق مطالبهم وإعادة الحق الى اصحابه.