Site icon IMLebanon

«جبهة مسيحية» طارئة.. لمواجهة «حالة الطوارئ»

يتصرّف الجنرال ميشال عون على طريقة «الربح المضمون». بمعنى أنّه اذا نجح في تصويب ميثاقية الجلسة التشريعية بعد «إنزال» مطلبه بكوماندوس الضغط المسيحي المشترك مع سمير جعجع على جدول أعمال الجلسة، يكون قد سجل هدفاً لصالحه، وأثبت أنه أقوى من أن يكسر على عتبة البرلمان، مقرّ حليف الحليف.. واذا حملته ممانعة الرئيس نبيه بري لـ «المس» بالقائمة التشريعية الى الشارع مجدداً ليرفع شعارات التهميش والاستفراد وتجاوز الشراكة، لِحَقْنِ مزيدٍ من إبر التعبئة في عروق جمهوره، سيكون أيضاً مرتاحاً لما يقوم به ومنسجماً مع قواعده.

لذا، فإن بال المحارب العتيق ليس منشغلاً بما ستؤول اليه الأمور ومفاوضات اللحظة الأخيرة الباحثة عن وصفة «لا يموت الديب ولا يفنى الغنم»، فيتركها تسير على هواها، لتختار البرّ الذي تريد أن ترسو عليه من دون أن يكلّف نفسه عناء حكّ رأسه ابتكاراً لمخارج لائقة تعيد النبض الى جسد البرلمان العاطل عن العمل.

ولهذا يمارس الرجل لعبة عضّ الأصابع ببرودة لافتة، حتى لو أنذر مؤتمره الصحافي بعد اجتماع «تكتل التغيير والاصلاح» بالتوتر. لكنه بينه وبين نفسه، يتجدد شباباً وحيوية للوقوف من جديد على منبر التحدي والمناوشات، مع أنّ نيرانه ستكون هذه المرة «صديقة» وستطال «ذوي القربى» السياسية.

صحيح أنّه ترك باب المشاورات مفتوحاً على مصراعيه لعلّه يجنّب مجلس النواب الوقوع في «خطيئة» الميثاقية المبتورة، مهما كحّلها الرئيس بري بتفسيرات الضرورات السياسية التي تبيح بنظره المحظورات، لكنه صار مقتنعاً أنّه كيفما استقرت بورصة المفاوضات، لن يشعر أنه مزروك بموقف أو بخيار. لا بل هو أكثر حماسة للعب دور المشاغب.

هكذا، وعد الرجل بمزيد من التصعيد في حال لم تصل الأمور الى خواتيمها التوافقية بضم قانون الانتخابات، ولو شكلاً الى جدول أعمال الجلسة التشريعية. في هذه الجولة يتسلّح الجنرال بـ «فيتو» مسيحي تتردد أصداؤه بشكل إيجابي في الوسط المسيحي، يجمعه مع خصوم الأمس، أي «القوات» الذين حمّسوه على استخدام هذا «الحق» لتحريك مياه قانون الانتخابات الراكدة، بتوافق ضمني من بقية الأطراف الرافضة لأي تعديل قد يلحق بآلية انتاج السلطة.

أمس، توسعت حلقة التنسيق المسيحي، لتشمل حزب «الكتائب» الرافض لمبدأ التشريع بالمطلق، لكنه سينضم بطبيعة الحال الى أي حركة اعتراضية من جانب القوى المسيحية، في حال أصرّ الرئيس بري على موقفه، مساوياً بين مشاركة «الثلاثي المسيحي» في الجلسة، وعدم مشاركتهم.

هكذا، صارت «الجبهة المسيحية الطارئة» جاهزة لمواجهة «الحالة الطارئة» في حال فرضت نفسها على جدول مسار البرلمان. ثمة أفكار كثيرة متداولة في هذا الشأن للتعبير عن حالة الاعتراض تحت عنوان «لا لعزل المسيحيين». قد تكون أولى بواكيرها «صرخة موحدة» كالدعوة الى الإضراب العام تزامناً مع انعقاد الجلسة، وقد تسلك مساراً تصاعدياً.

وكان عون أكد خلال مؤتمره الصحافي أن «العلاقة مع حزب الله خارج اطار النزاعات، ولا احد مكلف بالكلام في هذا الموضوع، وهو خارج عن اطار اي فوارق بالمواقف الداخلية»، مشيراً الى انه «عندما مدد المجلس النيابي لنفسه قال السفير الأميركي السابق ديفيد هيل إنّه ينسف الاستقرار ودعا الى احترام الديموقراطية، وفي حينه علقّت: بالفعل، دايفيد هيل على حق»، وتمّ نسف الديموقراطية. واليوم نحصد نتائج ذلك».

وقال عون: «الرئيس بري اوقف اقتراح اللقاء الأرثوذكسي بحجّة الميثاقية لعدم مشاركة كتلة المستقبل، وكان يمكن ان يحضر نواب سنّة ليسوا من المستقبل. وقد تعهّد مع النائب جورج عدوان باقرار القانون بعد التمديد للمجلس النيابي، ومرّت سنة وخمسة اشهر ولا أرى أي اجراءات حقيقية لبتّ قانون انتخابي جديد».

ودعا لترقب نشرات الظهيرة (اليوم) التي ستعلن «الاجراءات التي سنتخذها لوقف هذا التمادي».

واكد عون أنّ «الشراكة والتوازن انعدما وغاب القانون المحترم، فأين هي الميثاقية؟ لا نعلم. واليوم المزاجية تحكم الاجتهادات. وهذه الجلسة التي يعتبرونها تشريعية، ناقصة، لأنه عندما تكلمنا عن امكانية التشريع قلنا إن التشريع لاعادة تكوين السلطة في ظلّ الفراغ في سدة الرئاسة، الى جانب نوع آخر من التشريع لمصلحة الدولة العليا بالاتفاق مع رئيس مجلس النواب نبيه بري حول التشريع المالي».

وذكر ان «جدول الاعمال ليس كله عن التشريع المالي، فهناك أربعة قروض ممنوحة للبنان، ونحن نؤيدها، ولكننا نريد الافضلية لقانون الانتخابات، ولا احد يستطيع منعنا من وضعه وقد اصبح عمره سبع سنوات من عمر المجلس النيابي، وقد حكي عنه في الدوحة».

وأشار الى ان «هناك مزبلة سياسية واعلامية وطبيعية»، لافتاً الى أنّ «الشعب عالق بهذه المسائل الاساسية، وما يصدر في الإعلام بحقنا جريمة، ولو أنّ القضاء اللبناني سليم لاتخذ اجراء فورياً بهذا الصدد. وفي الماضي رفعت شكوى بحق رئيس الجمهورية الراحل الياس الهراوي عندما قال إني أخذت أموالاً من الدولة، والإعلام اليوم يتكلم بمساعدة اجهزة مخابرات في الدولة وبعلم من رؤسائهم».