اتت قمة البطاركة الكاثوليك والارثوذكس التي عُقدت يوم الاربعاء الماضي في بكركي، ضمن الحراك الذي يقوم به الصرح البطريركي، للمطالبة بإنتخاب رئيس للجمهورية وإنهاء الشغور المخيف، الذي يحمل في طياته تداعيات خطرة لا تحمد عقباها، وفي هذا الاطار كشف وزير سابق مقرّب من بكركي لـ” الديار” بأنّ فكرة إنعقاد قمة مسيحية – اسلامية غير مستبعدة، لانها تسارع في إنهاء الملف الرئاسي المأزوم، آملأ من الجميع التعاون من اجل إسترجاع الوطن، لانه يتهاوى يوماً بعد يوم، فالجمهورية في خطر كبير وعلى كل المستويات، إزاء ما يحصل في البلد من تدهور مالي واقتصادي وجوع وويلات وفقر، وانتحار يومي وبطالة وهجرة شبابية، وتشنجات وتوترات وانقسامات، في ظل مخاوف كبرى لا تعّد والآتي اعظم، خصوصاً ان الازمات المذكورة ستضع اللبنانيين أمام معادلة، قد تقضي على السلم الأهلي، وتطيح بالدستور والشرعية، مشدّدأ على ضرورة ان تكون صرخة القمة الروحية التي عقدت منذ ايام نداءَ لمواجهة كل ما يهدّد الكيان اللبناني، وتمنى على دار الفتوى والمجلس الاسلامي الشيعي الاعلى، الوقوف الى جانب الصرح، وإطلاق المزيد من الصرخات في إتجاه الدول العربية والاقليمية للمساهمة في إنقاذ لبنان.
وهذا ما برز في مشهد لقاء البطاركة الذي دق ناقوس الخطر، في بيان صدر عن المجتمعين تضمّن” دعوة عاجلة لمجلس النواب للإسراع بإنتخاب رئيس للجمهورية، لان الشغور غير مقبول ومخالف لجوهر الدستور ومرتكزات السيادة والإستقلال، اذ لا يحقّ لأحد أن يجاذف في مصير الوطن، الذي يقوى بالشراكة الوطنيّة الإسلاميّة – المسيحيّة، ولنا ملء الثقة بتضامن رؤساء الطوائف الإسلامية معنا”، كما فوّض البطاركة الراعي للإجتماع مع مَن يراه مناسباً، تحقيقاً للمضمون أعلاه، بما في ذلك دعوة النواب المسيحيين الى اللقاء في بكركي، وحثّهم على المبادرة سوياً مع النواب المسلمين لإنتخاب رئيس للجمهورية.
وفي هذا الاطار نقل النائب البطريركي العام السابق المطران بولس صيّاح الذي حضر القمة، خلال حديث لـ “الديار” بأنّ البطاركة يستشعرون الخوف على البلد كما كل المراجع الروحية والدينية، لذا اطلقوا هذه الصرخة، ونحن نقلنا هواجس الناس، والقينا الضوء على المصاعب والمآسي التي يعاني منها الشعب المقهور والمتألم، لذا نأمل ان يسارع النواب الى إنتخاب رئيس قريباً جداً، ويلبّوا النداء لانّ الوضع لم يعد يحتمل.
ورداً على سؤال حول ما تردّد عن وجود خلاف حول بنود البيان من قبل البطاركة، اذ كان البعض يريده أشدّ لهجة، نفى المطران صيّاح ذلك، وقال:” كان الهدوء سائداً خلال الاجتماع كذلك التوافق على البنود، ولماذا يريدون بياناً شديد اللهجة؟، المهم التنفيذ خصوصاً في ما يخص الرئاسة، ونحن لنا ثقة عمياء بالبطريرك الراعي للقيام باللازم في ما يخص التفويض”.
في غضون ذلك، كان رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل، اول الداعمين لإجراء حوار في الصرح البطريركي، حين زار البطريرك الراعي ودعا الى حوار مسيحي للقيادات، لكن سرعان ما تلقى الرفض من قبلهم، لكن وبعد دقائق من صدور بيان البطاركة، سارع باسيل وغرّد عبر تويتر كاتباً ” ما صدر عن رؤساء الطوائف المسيحية يخط مساراً واعداً، ويفتح باب الحل للأزمة الرئاسية، على قاعدة الشراكة والتوازن الوطني، هذا النداء الكياني كنا منذ الصيف الماضي وما زلنا أول الملبّين له، على امل ان يستجيب الجميع لهذه الدعوة”.
لكن ووفق المعلومات، فنداء القمة لم يلق الصدى المطلوب، من قبل باقي القيادات المسيحية، لانّ التجارب لا تشجّع، لذا ما زال الراعي يترّيث قبل إطلاق الدعوة رسمياً لهم، أي مازال يجسّ النبض عبر بعض الموفدين والاتصالات، وهنالك طروحات عديدة، من ضمنها دعوة رؤساء الكتل النيابية فقط، فيما البعض الاخر إقترح عليه دعوة كل النواب المسيحيين.
وعلى خط الاحزاب، فـ “القوات اللبنانية” ترى انّ الازمة الرئاسية ليست طائفية ، بل صراع بين فريقين متناقضين منقسمين لا يجمعهما أي شعار، هما الفريق المعارض السيادي الاصلاحي، والفريق الممانع الذي ينفذ اجندات خارجية.
وفي ما يتعلق بالنواب المستقلين والتغييريين، فمواقفهم ما زال منقسمة بين المؤيد للدعوة، وبين الرافض لها تحت حجج واهية، حيث لا توافق ولا كلمة موحّدة كما تجري العادة.