IMLebanon

أراضي المسيحيين أمام مجلس البطاركة والأساقفة “ملف استراتيجي يمس العيش المشترك”

فوجئ اعضاء مجلس البطاركة والاساقفة الكاثوليك في لبنان خلال دورتهم الأخيرة بمداخلة رئيس “حركة الارض اللبنانية” طلال الدويهي وهو يتحدث عن حجم الاراضي التي خسرها المسيحيون نتيجة عمليات البيع ووضع اليد في أكثر من منطقة في لبنان. والمفاجئة الأكبر كانت في حجم الانحسار “الطوبوغرافي” المسيحي في قلب جبل لبنان مقارنة بالأطراف، حيث إن عمليات بيع العقارات والشقق من عرب في كسروان والمتن وجبيل مثلاً تفوق بأضعاف عمليات البيع في عكار والبقاع والجنوب، من دون اي تفسير مقنع لهذا المسار الذي وصلت اليه الأمور في التهاون مع السماسرة وباعة العقارات الذين لا يتورعون عن شيء لكسب المال ولو على حساب الكثير من الأمور الاستراتيجية التي تمس التعددية والعيش المشترك.

في مداخلة الدويهي التي حصلت “النهار” على نصها، أن حجم الاراضي التي انتقلت ملكيتها من المسيحيين اللبنانيين الى غيرهم حتى تاريخ الأول من تشرين الثاني 2015 تقدّر بـ40 مليون متر مربع، تتوزع على كامل الاراضي اللبنانية، بالاضافة الى 466 شقة بيعت من غير لبنانيين خلال الأعوام الممتدة بين 2013 و2015. لكن الأخطر من كل ذلك أن أرقام هذه المبيعات العقارية سواء أكانت أراضي جرداء أم عقارية أم شققاً ووحدات سكنية، لا تشتمل على عمليات البيع التي لا يتم تسجيلها لدى الدوائر العقارية، ذلك أن الكثير من البيوعات تشتمل على أراضٍ غير ممسوحة، وتالياً يتم بيعها بواسطة عقود تحمل توقيع المختار فقط وتسمى صكوك بيع، إضافة الى عمليات بيع تتم لدى الكتاب العدول من دون أي حسيب أو رقيب، وتالياً لا يعمد أصحابها الى تسجيلها لدى الدوائر العقارية لألف سبب وسبب، في ظل عدم وجود قانون واضح يجبر الشاري على تسجيل العقارات التي يشتريها فوراً، وهكذا “تضيع الطاسة” كما يقال، وتختلط الأمور بين من يشتري ومن يبيع ومن يمسك بالاراضي والتلال ومن يتحكم في ما يسمى “الجغرافيا السياسية” في بلاد لم تنجح في تجاوز عثراتها الطائفية بعد. وثمة وضع يد على ملايين الأمتار المربعة من عقارات البلدات والقرى المسيحية مثل بلدة حوارة في الضنية التي اختفت من الوجود، وصولاً الى أراضي الفوار المجاور لمدينة زغرتا، حيث شرح الدويهي ان القرارات القضائية لم تجدِ نفعاً في التعامل مع محتلي الاراضي الذين يمتعون بالتغطية السياسية أسوة بما يجري في لاسا (في أعالي جبيل) ومنها الى القاع التي استولى السوريون على عقاراتها بالتعاون مع بعض أهالي القرى المجاورة و”على عينك يا تاجر”، حيث تكفّلت الدولة بتأمين الكهرباء والمياه والمدارس “للمحتلين ومغتصبي الأراضي”.

هذا في المصائب التي يعانيها الوضع الجغرافي المسيحي، لكن الدويهي قدم أيضاً عرضاً إيجابياً للمحاولات المستميتة والوطنية التي يقوم بها أهالي القرى والبلدات المسيحية للدفاع عن وجودهم في وجه “سرطان السماسرة” وتجار العقارات والمتخاذلين في حقوقهم، سواء ما جرى في القبيات وعندقت أو غيرها من البلدات.

وشرح لمجلس الطباركة والاساقفة أن الحركة تصدت لبيع 12 مليون متر مربع من الاراضي، وانقذت الكثير منها بالتعاون مع رجال دين مسيحيين ومتمولين وطنيين يرفضون خسارة الجغرافيا المسيحية سواء في الحدت، أو في الجنوب أو في مناطق أخرى كثيرة. وأشار الى وجود 178 عقاراً معروضاً للبيع تعمل الحركة وناشطوها بالتعاون مع الاحزاب والهيئات الوطنية على منع بيعها من غير لبنانيين ومن غير مسيحيين منعاً للفرز الطائفي والديموغرافي.

وخلص الدويهي الى مطالبة الاساقفة بالعمل بجدية على تعزيز الاطراف واقامة مشاريع حقيقية وجدية، اضافة الى انشاء شركة عقارية كنسية وعامة تشكل الرهبانيات والأوقاف القسم الأكبر من المساهمين فيها، “للمساعدة بفاعلية على مواجهة عمليات البيع ودعم الاستثمارات في الأرياف في أراضي المسيحيين والمساعدة على استيعاب الاراضي الموجودة بطريقة عملية واقتصادية مجدية، لكن الأهم كان مطالبة مجلس الاساقفة بإعادة العمل ببراءة الذمة البلدية وحق الشفعة، والتي كانت موجودة حتى عام 1997 وأُلغيت بموجب مشروع موازنة ذلك العام وفي عهد الرئيس الياس الهراوي وحكومة الرئيس رفيق الحريري