IMLebanon

القيادات المسيحيّة… ولعبة إحراج بعضها البعض في الوقت الضائع! 

 

 

 

تُتقن القيادات المسيحية عملية التهشيم ببعضها البعض. تلجأ اليها عادة عند كل استحقاق نيابي كان او رئاسي. اليوم وبعدما كانت قد تقاطعت بمعظمها مع بدء الازمة الرئاسية على اسم الوزير السابق جهاد أزعور، لقطع طريق قصر بعبدا على مرشح “الثنائي الشيعي” رئيس تيار “المردة”  سليمان فرنجية، عادت وفي الوقت الضائع بانتظار تبلور المشهد الاقليمي ومعه التوازنات في المنطقة، للعبة احراج بعضها البعض بدل التلاقي وتوحيد الكلمة، لاحراج باقي القوى، فيكون للمسيحيين الكلمة النهائية بهذا الاستحقاق، باعتبارهم المعنيين الاوائل به.

 

اصلا التفاهم المسيحي- المسيحي تحت قبة البطريركية المارونية لم يتحمس له لا “القوات اللبنانية”  ولا تيار “المردة،”  منذ اللحظة الاولى لدخول لبنان في مرحلة الشغور. الاول يرفض تكرار تجربة الانتخابات الماضية التي ادت في نهاية المطاف لانتخاب العماد ميشال عون رئيسا للبلاد، والثاني مقتنع بأن اي تغطية ومشاركة في اجتماع رباعي للقادة المسيحيين سيعني احراق ورقته، انطلاقا من الموقف المسبق المعلن من القادة الـ٣ الآخرين بخصوص ترشيحه.

 

فرنجية الذي حاول طوال الاشهر الماضية اقناع باقي القوى المسيحية الرئيسية بالسير به، وصل الى قناعة انها صعدت الى اعلى الشجرة وليست بصدد النزول، رغم اكثر من سُلم تم تأمينه لها. لذلك ها هو اليوم انتقل الى مرحلة جديدة بالتعاطي معها، فاذا به يسعى لاحراجها بطروحات يُدرك انها غير قابلة للتطبيق، لكنها تفعل فعلها بالاحراج. فابرز الطروحات الدعوة لحصر المنافسة الرئاسية بالقادة الـ٤، والنزول الى مجلس النواب لانتخاب احدهم.

 

وتقول مصادر مطلعة على جو “المردة”  ان “رفض باقي القادة المسيحيين هذا الطرح هو لاقتناعهم انه سيؤدي حكما لانتخاب فرنجية، تماما كما رفضهم الانتخابات مباشرة من الشعب”.

 

اما حديث فرنجية عن ترشيح رئيس “القوات” سمير جعجع، فلم يأت بسياق طرح بأن يتوجه الرجلان بمواجهة مباشرة في المجلس، انما اتى لاحراج باسيل الذي لطالما نادى بوجوب انتخاب الاقوى مسيحيا رئيسا، كما جاء في اطار وجوب دعوة باسيل لتبني ترشيح جعجع اذا كان متمسكا بمبادئه. ففرنجية منذ البداية قال بوضوح انه لا يوافق على معادلة ان الاقوى مسيحيا يفترض ان يكون رئيسا، ويعتبر ان تجربة رئاسة العماد ميشال عون اكبر دليل على عدم صحة هذه المعادلة.

 

ونجح فرنجية من خلال “زكزكة” باسيل بترشيح جعجع بزيادة الشرخ بين الاخيرين، وهو ما يعوّل عليه على ما يبدو لتعديل موقف احدهما من عملية ترشيحه في مرحلة ما.

 

بالمقابل، يمكن وضع تحرك باسيل الرئاسي الذي اتى مفاجئا بالتوقيت، خاصة انه يتزامن مع مجموعة مبادرات لا تزال هي الأخرى قائمة وتدور في حلقة مفرغة، في اطار السعي لاحراج اكثر من طرف في آن:

 

– اولا “الثنائي الشيعي” من خلال الموافقة على مبدأ التشاور والحوار الذي يسبق جلسة الانتخاب، وهو تشاور يدرك باسيل انه لن ينتهي الى تفاهم على انتخاب فرنجية، ما يُضطر “الثنائي” اما الاعلان جهارا ان لا رئاسة في حال عدم انتخاب فرنجية، او التخلي عن مرشحه وهو ما يتمناه رئيس “الوطني الحر” ويسعى اليه.

 

– ثانيا: يعمل باسيل وبشكل اساسي على احراج  جعجع الذي ذهب بعيدا برفض الحوار والتشاور، وهو اليوم سيكون مضطرا اما الى التراجع عن موقفه، ما سيُعد انكسارا في حال وافقت باقي قوى المعارضة على شكل من اشكال التشاور، او الى البقاء وحيدا متفرجا عن بعيد على حركة رئاسية استثنى نفسه منها. وفي الحالتين سيكون باسيل نجح باحراجه.

 

بالمحصلة، تتفنن القوى السياسية باحراج بعضها البعض في الوقت الضائع، ظنا بأنها تؤسس بذلك لما يخدم مصالحها “الرئاسية” عندما يحين موعد الحسم. لكن حقيقة الامر ان كل هذه الجهود ستذهب سُدى حين تأتي الاوامر الخارجية، بحيث سيكون التنفيذ بالفرض، بعدما فوتت قوى الداخل مرارا وتكرارا فرصة لبننة الاستحقاق وفصله عن ازمات المنطقة المشتعلة.