IMLebanon

بكركي تُجمّد الإتصالات: التأنّي أفضل من الفشل

 

حملت الساعات الأخيرة إشارات سلبية أوحت بأن الإجتماع النيابي المسيحي المنوي عقده في بكركي نُسف بسبب التباعد القائم بين الأفرقاء الموارنة. لم تحصل أي أعجوبة في عيد القديس مارون، وبدل خروج الخبر اليقين القاضي بقرب الإتفاق المسيحي على رئيس، توتّرت الأمور أكثر، وبات إجتماع بكركي في مهبّ الريح. ونُظّمت حملة في الساعات الماضية تنطلق من مبدأ «الندب» والتأكيد على عدم قدرة الموارنة على الإتفاق، وهذا الأمر كفيل بتمديد أمد الشغور الرئاسي.

 

مقتنع كل من تابع التحضير للإجتماع النيابي المسيحي بضرورة عدم تعليق آمال كبيرة على نجاحه، فقد شهدت بكركي منذ أكثر من شهر سلسلة مشاورات مع القوى المسيحية الفاعلة وعلى رأسها «التيار الوطني الحرّ» و»القوات اللبنانية» وتيار «المرده» و»الكتائب اللبنانية» وحركة «الإستقلال»، وكلها ولّدت قناعة ترسخت عند البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي بأنّ المشكلة ليست مسيحية فقط بل وطنية بامتياز، وما دعوَته للإجتماع النيابي المسيحي إلا محاولة من أجل تحريك الركود، مع علمه المسبق بحجم التباعد السياسي القائم في البلد.

 

ولم يُرِد البطريرك الراعي حصول إجتماع فولكلوري في الصرح البطريركي، فالوضع لا يحتمل البيانات والبيانات المضادّة، وهناك تجربة حدثت بعد تولّيه سدّة البطريركية عام 2011 وتمثّلت بتأليف لجان في كل المواضيع، لكن تلك اللجان لم يُكتب لها النجاح الدائم سوى في حصر الترشيحات بالأقطاب الموارنة الأربعة والإصرار على إنتاج قانون إنتخاب يُعيد التمثيل المسيحي الصحيح.

 

ويؤكّد أحد المطارنة الذي عمل على خط التواصل مع القيادات المسيحية لإتمام لقاء بكركي أنّ «الإتصالات باتت في حكم المتوقفة، ويجب علينا التمهّل لكي لا نقوم بأي خطوة ناقصة، فعقد الإجتماع وفشله ستكون له نتائج سلبية أكثر من عدم عقده».

 

ويرفض المطران كل الكلام الذي يرمي التهم جزافاً، وخصوصاً إتهام «القوات اللبنانية» و»التيار الوطني الحرّ» بإفشاله، ويؤكّد أنّ لـ»القوات و»التيار» أكبر تكتّلين مسيحيّين ولهما الحق في طرح أي أمر، وبالتالي فإن رمي التهمة عليهما هو حرام ويُصعّب المهمة أكثر بدلاً من أن يطرح الحل المناسب».

 

لا ترى بكركي في تمسّك «القوات» بترشيح رئيس حركة «الإستقلال» النائب ميشال معوض العائق الذي يمنع الإتفاق، ولا ترفض فكرة ترشيح رئيس تيار «المرده» سليمان فرنجية أو معارضة رئيس «التيار الوطني الحرّ» النائب جبران باسيل لإنتخاب فرنجية، لكنها ترفض كل المقولات التي تتحدّث عن أن أزمة الرئاسة هي مسيحية بحتة، وتُعطي مثالاً على ذلك، ويتعلّق بترشيح فرنجية.

 

وهنا تعتبر أنّ التكتل الأكبر تمثيلاً عند الفريق الحليف لـ»حزب الله» هو «التيار الوطني الحرّ»، لكن «الثنائي الشيعي» لا يحترم هذا التمثيل بل يدعم مرشحاً لا يريده «التيار»، فلو كانوا يلتزمون بنتائج الإنتخابات، لكان مرشح «التيار» إذا نال تأييد حلفائه واجه مرشّح القوى السيادية المسيحية أي معوض، وعندها فليفز من ينال العدد الأكبر من الأصوات. يضيق هامش التحرّك عند بكركي وهي التي كانت ترى في الأحداث المتتالية والإنهيارات فرصة لتسريع إنتخاب رئيس جديد للجمهورية، لكنها تصوّب على النواب المعطّلين للنصاب، وهي كانت تريد أن يخرج إجتماع بكركي بوعد من النواب بحضور جلسات الإنتخاب وعدم التعطيل، لكن يبدو أنّ هذا الوعد لم يمنحه حلفاء «حزب الله» المسيحيون، فدخل هذا البند كأحد البنود المعطّلة للإجتماع.

 

لن يجلس الراعي مكتوف اليدين بعد فرملة الاجتماع النيابي، فكل المؤشرات تدل على السرعة في وتيرة الانهيار، وبالتالي بات من الواجب على بكركي التفكير بحلول جذرية لأنه كلما طال أمد الفراغ كلما صعب الحل خصوصاً مع تمترس كل فريق خلف سلسلة مطالب.