Site icon IMLebanon

الاحزاب المسيحية في ازمة… ولا «احصنة» رابحة

انقضت الانتخابات البلدية وباتت في الحديقة اللبنانية الخلفية، ولكن آثارها لا تزال واضحة وتتردد في اوساط الرأي العام ولدى القوى السياسية التي لا تزال تبحث في اسباب تحول المزاج الشعبي وتصويت الناخبين وفي اتجاهات وتحولات الرأي العام الذي فاجأ في محطات كثيرة تلك القوى عندما صوت على مزاجه وهواه الخاص، فحصل الاجتياح الحزبي في زحلة وسقطت الكتلة الشعبية وفتوش، ووقعت صدمة أشرف ريفي في طرابلس والتي لا تزال تردداتها تفعل فعلها لدى تيار المستقبل بعد سقوط لائحة المليارديريين، ولم يستطع التيار الوطني الحر ان يضبط عناصره وكوادره في مناطق عديدة فلم يحصل «المد البرتقالي «الموعود في جزين البلدية كما حصل في النيابة بعدما استطاعت عائلة «الحلو» ان تقلب نهار الرابية وتحوله الى ليل دامس بسبب رفض الرابية الانصياع لشروطها البلدية .

والواقع الذي لا يمكن تجاهله وبحسب مصادر مسيحية، ان الاحزاب المسيحية التي كانت تنتظر هذا الاستحقاق  بدت في خواتيمه جميعها في عنق الزجاجة وتعيش في ازمة، والواقع ان هذه الاحزاب لم تكن تملك كلمة سر ولا أحصنة رابحة في المناطق وان هذه الاحزاب لو كان لديها عدة معركة أشرف ريفي في طرابلس او لو ان لديها «اشرف ريفي مسيحي» لكانت تمكنت من تحقيق «التسونامي» الموعود، وما حدث في ساحل المتن اكبر دليل حيث لم يكن لدى كل من الكتائب والتيار الوطني الحر والقوات أحصنة فائزة ومستعدة لخوض الاستحقاق فحصل فوز «حصان» ميشال المر.

فالقوات عملت في الانتخابات براغماتياً تضيف المصادر، وكان هدفها ايصال ممثليها الى المجالس البلدية وكذلك التيار العوني الذي تنافس قياديوه وعملوا في بعض المناطق ضد بعضهم البعض وعملت القيادة بطريقة انتقائية فيما لعبت الكتائب على التناقضات وتحدثت عن فوز مبهم بعد ان صاغت تحالفات غريبة عجيبة مع القوميين الاخصام في السياسة وفي التحالفات. وعليه ترى المصادر ان تلك الاحزاب لو سارت بخيار حصان رابح في تلك البلديات لكانت تمكنت من تحقيق فوز اكبر، ولو ان المجتمع المدني طائفي لكان حقق نتائج مبهرة. ففي تلك الانتخابات ابتعدت الجماهير عن الاحزاب وعاقبتها بقسوة، بسسب مشاكل النفايات والكهرباء والخدمات فاستفاق الرأي العام للمحاسبة ولعبت مواقع التواصل الاجتماعي والاعلام على تلك التناقضات لاحداث الشروخ، وعاد الانسان الى بلديته وعائلته فيما اظهرت النتائج ان الاحزاب ربحت في الانتخابات عندما صاغت تحالفات جيدة مع العائلات وخسرت حين ابتعدت عن العائلات.

في حصيلة الانتخابات البلدية فان  النتائج في مختلف المحافظات لم تكن مفاجئة لاحد تؤكد المصادر، ولا يمكن في النهاية الركون الى خلاصة واحدة بتحديد الرابح او الخاسر الاكبر الا في حالة  فوز ريفي وخسارة تيار  المستقبل، فلا الاحزاب المسيحية التي اجتمعت في تفاهم معراب حصلت على حصرية الانتصار واجتياح المناطق المسيحية ولا الزعامات التقليدية او الاقطاع السياسي او قيادات 14 آذار  تقهقرت كلها واضمحلت في الزوبعة البلدية ولم  تحقق الاحزاب المسيحية «التسونامي» الذي وعدت به، وحيث ينبغي على الاحزاب ان تراجع حساباتها وما جنته مع الرأي العام الذي صوَت على مزاجه الخاص ضد حيتان المال والسياسة وضد فضائح النفايات و«الانترنت» والفساد وضد تهميشه ومصادرة قراره فانخفضت نسبة التصويت في بيروت والجنوب ولم يكن احد قادراً على حث الناس على التوجه الى  الصناديق او التصويت خلافاً لارادتها.

ويمكن القول ان  الاحزاب المسيحية تمكنت في مناطق من تحقيق الفوز وفي اخرى تراجع حضورها ولم تكن قادرة على اختراق عقول وقلوب الناس فنجحت العائلية والتحالفات المصاغة باتقان، وعليه لا يمكن الجزم بأن تفاهم معراب حقق المعجزات في تلك الانتخابات بل حصل على المعقول فلم يتحقق التسونامي الا في زحلة تقريباً بعدما فقدت قيادة التفاهم السيطرة على زمام المعركة ووصلت الامور الى التنافس الضاري بين القوات والتيار الوطني الحر في بلديات كثيرة، على ان تفاهم  معراب والرابية استطاع ان يحقق انتصارات بلدية في مناطق في حين عجز عنه في مناطق اخرى. فالمعارك الانتخابية خضعت لحسابات معينة ولتداخل عوامل عائلية وانتخابية وخصوصيات اخرى، مما وزع التسونامي وشتته في اكثر من اتجاه  خصوصااً وان الاحزاب نفسها بدت غير قادرة على ضبط بيتها الداخلي في بعض المحطات نظراً لضراوة المعركة الانتخابية في البلدات اللبنانية.

الخلاف الانتخابي  اظهر احجام الاحزاب المسيحية في البلديات التي خاضتها خارج هذا التفاهم تقول المصادر، وعليه تمكن التيار العوني من اجتياح بلديات له وحده وكذلك فعلت القوات وحدها او الكتائب التي صاغت تحالفات متناقضة وفقاً لخصوصية وطبيعة كل مواجهة . اما تيار المردة في الشمال فكان له استراتيجية اخرى مختلفة، فالمردة التي كانت العين شاخصة عليها في الشمال لتصفية حساباتها مع الخصم العوني على «ارضها» اتبعت خطة انتخابية وفرت عليها معارك كبيرة في عقر دارها كان يمكن ان تحصل بين المردة وخصومها التقليديين، فالتوافق مع ميشال معوض كان اهون الحلول الانتخابية لان معركة المردة الرئاسية تأتي بحسب التراتبية  في الاولوية كما ان الانتصارات كانت معروفة ومحددة سلفاً على الخريطة الشمالية خصوصاً بعد خيار تجنب المواجهات القاسية وترتيب التفاهمات مع الاخصام السابقين.