الى ان يقضي الله امرا كان مفعولاً، بحسب ما يردد “ابو مصطفى” امام زواره وفي مجالسه، تبقى الساحة الداخلية في حال ترقب لعودة لقاءات خماسية باريس، بعد لقاء هوكشتاين – لودريان، علّه تحمل معها الخلطة السحرية التي طال انتظارها، والقائمة على معادلة رئيس غير مفروض وغير مرفوض، رغم صعوبة ذلك ان لم يكن استحالته. وفقا للمعطيات القائمة، لا يوحي المشهد السياسي اللبناني المحكوم بالتناقضات والالتباسات بأي امكانية لتمريرها، في حين تتبلور في الداخل المواقف تباعا، وابرزها موقف المقربين من البطريرك الماروني “المتقلبة” التي خلطت الاوراق، وطرحت الكثير من علامات الاستفهام حولها، رغم ان التدقيق فيها لا يظهر تغييرا في موقف بكركي.
بالتأكيد، ومن حيث الشكل، الكلّ “مبسوط” من “مواقف بارولين” ووضعها في صفّه، واعتبر أنها تصبّ في مصلحته، رغم أن أجواء الحاضرة الفاتيكانية مختلفة كلياً، بعد التقرير الذي قدمه امين سرها، والذي على ضوئه قررت الحاضرة تعليق جميع المواعيد التي كانت ستعطى لمسؤولين سياسيين مسيحيين، اعتراضا على ادائها وتحميلا لها لوزر ما وصلت إليه الأوضاع المسيحية. فبحسب المصادر، إن أبناء الطائفة لم يجيدوا ترجمة الإرشاد الرسولي، ولا توجيهات الكنيسة الأم، والتي خرج بعض أبنائها للتغريد خارج سربها.
وفي معرض عتبها، تشير المصادر البابوية إلى أن الأطراف المسيحية نجحت في اختراق الكنيسة والرهبانيات، ناقلةً انقساماتها إليها، وهو ما دفع بالبطريرك الماروني إلى تحمل عبء المواجهة وحيداً، بعدما تعذّر تأمين إجماع داخل الكنيسة اللبنانية نتيجة تلك الإختراقات. من هنا، فإن أهمية اللقاء في روما، والكلام للمصادر ،انه يأتي للتاكيد على ثوابت “بي الكنيسة” من القضيّة اللّبنانيّة، حيث يصر البابا فرنسيس امام زواره على التعبير بشكل صريح عن أنّ هويّة لبنان في خطر، وثمّة انقضاض على صيغته الحضاريّة، مدافعا عن صيغة العيش معاً في لبنان، وواجب حماية هذا النّموذج في الحرّية، وحقوق الإنسان، والدّيمقراطيّة، والتّنوّع، والعدالة، والسّلام، والإبداع، حيث لا خوف ولا تخويف بل رجاءٌ لا ينقطع.
من هنا،والكلام للمصادر، فإن أهمية زيارة بارولين أنه أعاد جزءاً من وحدة الموقف، التي يجب أن تتظهّر على الأرض في بيروت، خصوصاً بعد التشكيك بالعلاقة بين قداسة البابا والبطريرك الراعي ، حيث سمع الكل بشكل واضح ضرورة إنجاز الاستحقاق الإنتخابي الرّئاسي كما النّيابي في مواعيدهما دون مغامرات انتحاريّة، ورفض أي تعديل لصيغة النّظام كما يحلو للبعض التّسويق، لكن في كلّ الأحوال يجب التنبّه إلى أنّ الفاتيكان لا ينظر إلى المسيحيّين في لبنان كأقليّة، وهو ضدّ مسار حلف الأقليّات.
وتابعت المصادر، بأن الفاتيكان على تواصل دائم وبشكل فاعل مع عواصم القرار الدولي وبخاصة مع واشنطن، حيث الإتفاق بين الطرفين على أن لا يدفع لبنان ثمن أي تسوية قد تحصل في المنطقة، مشيدةً على هذا الصعيد بدور اللوبي الكاثوليكي الفاعل والمؤثر في السياسة الأميركية، خصوصاً في الايام المتبقية من عهد إدارة الرئيس بايدن، مشيرة الى أن الحاضرة البابوية التي قدّمت الكثير من المساعدات للقطاعين الصحي والتعليمي خلال الفترة الماضية، هي اليوم بصدد الإعداد لخطة طوارئ أكبر وأوسع في ما خصّ لبنان بالتعاون مع دول العالم، والتنسيق مع الرهبانيات والأوقاف المسيحية، لتقديم كل المساعدات اللازمة للحفاظ على الوجود المسيحي ومكتسباته.
وختمت المصادر بأن الكرسي البابوي يرى في البطريركية القيادة البديلة حالياً على المستوى الوطني، في ظل أزمة الثقة بين رموز الطبقة السياسية المسيحية ومجتمعها، والتي ترفض الإستماع إلى مطالب بيئتها، مصرّة على السير في حساباتها الضيقة، داعيةً الجميع إلى عدم الرهان على محدودية قدرة الفاتيكان على التحرك، إذ يملك من القوة المعنوية في ظل الأوضاع الدولية الحالية، ما يكفي من أوراق تؤهله للعب دور أساسي في رسم مستقبل هذا البلد، مستدركة بان القصور المسيحي الذي يتجلى عند كل محطة مفصلية، يجعل الفاتيكان ملزمة بالتدخل، بما تمثله من ثقل معنوي على الساحة الدولية، خصوصا في ظل تأثيرها الحالي في اكثر من ملف، من الحرب الاوكرانية الى الانتخابات الاميركية.
في بيروت ثمة من يعتقد ان توافق “التيار الوطني الحر” وحزب “القوات اللبنانية” سيوصل حكما الى بعبدا مرشحا قويا، في محاولة لاستيلاد تجربة العام 2017، يوم بلع الجميع الطعم ، فوصلت الاحوال الى ما اوصلت اليه . من هنا يردد احد الاساقفة المقربون من الفاتيكان ان الاخيرة تخطت الزعماء الموارنة باشواط، وانها بعد التجربة المريرة التي عانتها طوال الاشهر الماضية ، قررت اخذ المبادرة واتخاذ اللازم …. حقنا لدماء المسيحيين وحفاظا على ما تبقى لهم …..