IMLebanon

“إحمل صليبك واتبعني”

 

 

لم يفهم القادة والزعماء المسيحيون بعد أن المسيحيين في لبنان يواجهون خطراً وجودياً وأن كل الجهود يجب أن تنصب من أجل إبعاد هذا الخطر وترسيخ المسيحيين أكثر فأكثر في هذا البلد.

 

يتلهى القادة المسيحيون بالسخافات، فمنهم من يريد تأمين منصب له ولو على حساب البلد وهويته وحريته وحتى على حساب الكنيسة، ولا يرى في البلد مشكلة سوى مشكلة تذليل العقبات التي تقف عائقاً أمام وصوله إلى المنصب المرموق ولو على أشلاء ما تبقى من مسيحيين.

 

هناك من يحاول أيضا السير بين النقاط فلا يريد إغضاب هذا أو إغضاب ذاك ولا يريد أن يظهر بموقف المسيحي المتمسك بوجود المسيحيين في لبنان والرافص لأي تعد أو افتراء على رموزهم ورجال دينهم وكراماتهم، وهذا كمن يدفن رأسه في الرمال فلا يريد أن يسمع أو يرى ولا يريد بالتالي أن يتخذ موقفاً خوفاً من إغضاب من أمعن في ضرب الوجود المسيحي الحر في لبنان.

 

هناك القائد المسيحي الحاقد الذي لا يريد خيراً لأي مسيحي آخر ويسعى بكل ما يملك من قوة وطاقة لتشويه صورة القادة المسيحيين الآخرين في شكل لم يسبقه إليه الأخصام السياسيون لهؤلاء القادة من طوائف أخرى.

 

إن بقي المسيحيون على هذه الحال وإن بقي البعض منهم يرضى أن يستخدمه الآخرون أداة تجنٍّ وتخريب في وجه المسيحي الآخر، فلن يبقى الوجود المسيحي في لبنان علامة فارقة، فهذا الوجود ليس كناية عن وجود أشخاص أو أنه مرتبط بهم، هذا الوجود هو تاريخ وحضارة وتضحيات وشهداء وقديسون وإنجازات في مختلف المجالات، هذا الوجود هو انفتاح وثقافة وعلم واقتصاد واستشفاء، هذا الوجود ميّز الشرق وربطه بالغرب.

 

هذا الوجود أهم من كل المناصب واللاهثين وراءها، ومن يعتقد أن الوجود المسيحي في لبنان مرتبط أو ارتبط بشخصه فهو واهم وشرير، لأن الضرر الأكبر الذي أصاب الوجود المسيحي ناجم عن قرارات وتصرفات هؤلاء الأشخاص، ولن يستعيد هذا الوجود عافيته طالما بقي هؤلاء يمارسون سياسة التزلف والحقد، وطالما غاب عنهم قول السيد المسيح: «إحمل صليبك واتبعني فَإِنَّ مَنْ أَرَادَ أَنْ يُخَلِّصَ نَفْسَهُ يُهْلِكهَا وَمَنْ يُهْلِكُ نَفْسَهُ مِنْ أَجْلِي فَهَذَا يُخَلِّصُهَا. لأَنَّهُ مَاذَا يَنْفِعُ الإِنْسَانَ لَوْ رَبِحَ الْعَالَمَ كُلَّهُ وَأَهْلَكَ نَفْسَهُ أَوْ خَسِرَهَا؟».