IMLebanon

الوجود المسيحي معلّق على «دواخين» مـعمل الذوق!

فجأة، هبّت الأحزاب المسيحية والفعاليات الكسروانية في وجه معمل الذوق «الشغّال» منذ 1983. دعوة من بلدية ذوق مكايل واحتضان من القوات اللبنانية كانا كافيين ليشارك العونيون والكتائب أيضاً… وكل لأسبابه

في مقابلة مع «الأخبار»، قبل أشهر، غمز النائب السابق سمير فرنجية من قناة المسيحيين في لبنان، مشيراً إلى أنه في وقت يواجهون فيه خطر التهجير، وتتبدل فيه سياسات وتُزال حدود، ينشغل هؤلاء بردم الحوض الرابع وبقضية موظفي كازينو لبنان. السبت الماضي، كاد النواب وممثلو القوى المسيحية يخرجون من شاشات التلفزيون وهم «يطاحش» بعضهم بعضاً للتعبير عن تضامنهم مع أهالي الذوق ضد المعمل الحراري في البلدة، حتى بدا الوجود المسيحي في الشرق كأنه بات معلّقاً على «دواخين» معمل الذوق!

رئيس بلدية ذوق مكايل واتحاد بلديات كسروان نهاد نوفل، أقر بأنها المرّة الأولى التي يهتم فيها بشأن يخص السكان الذين انتخبوه، ويدعو إلى اعتصام احتجاجاً «على سرطان الموت المنبعث من معمل الذوق». الوقفة التي دعت إليها البلدية وسارعت القوى السياسية كافة في المنطقة إلى تلبيتها لأغراض شعبية وانتخابية، وصفت بـ«وقفة غضب سلمي»، قبل أن يتبيّن أن «الغضب» لم يكن مبعثه الخوف على حياة أهل المنطقة، أو لأن سماء كسروان ضاقت بالسحب الناتجة من مداخن المعمل الحراري، وإنما مجرد تصفية حسابات «بلديّة» بين نوفل ومؤسسة كهرباء لبنان.

استناداً إلى مصادر في مؤسسة الكهرباء، بدأت القصة قبل ثمانية أشهر حين تقدمت بلدية ذوق مكايل بطلب لتوصيل تمديدات الكهرباء إلى القصر البلدي الجديد. وبموجب القانون، ليس مسموحاً للمؤسسة الإقدام على خطوة كهذه «إذا كان قد حُرر بحق الزبون (بلدية الذوق) محضر ضبط غير مدفوع». صحيح أن معظم البلديات لا تُسدد كل مُستحقاتها، ولكن في حالة ذوق مكايل فإن المستحقات تصل إلى «قرابة 550 مليون ليرة. وقد عرضت المؤسسة تجاوز هذا المبلغ حالياً شرط أن تدفع البلدية قيمة المحضر البالغة 50 مليون ليرة، لأن الضبط لا يُمكن إلغاؤه»، إلا أن نوفل رفض ذلك «وفضّل خوض مواجهة مع المؤسسة تحت عنوان: غصباً عنكم ستوصلون الإمدادات إلى القصر البلدي الجديد»!

سامي الجميّل احتج على وجود المعمل الذي أقرّه والده في منطقة سكنية

وقبل شهرين، نقل رئيس بلدية الذوق «المعركة» إلى مستوى آخر حين لجأ إلى القضاء ومجلس شورى الدولة لوقف العمل بالمعمل الحراري الجديد، «مُتذرعاً بأن المؤسسة لم تستحصل على ترخيص من البلدية لبنائه». علماً أن المؤسسة اكتشفت بعد الدعوة القضائية أن «المعمل القديم الذي بدأ تشغيله عام 1983 لم يستحصل على ترخيص من البلدية، ما يدفع إلى السؤال: لماذا ظل نوفل ساكتاً طوال هذه الأعوام واستفاق اليوم؟». وتقول المصادر: «إذا كان الموضوع بيئياً فعلاً، فإن المعمل الجديد يُبنى وفق مواصفات مقبولة، وكل باخرة توصل الفيول مُجبرة على أن تُقدم كل عام دراسة عن الأثر البيئي لعملها إلى وزارة البيئة، فيما المعمل القديم بات في المرحلة الأخيرة لاستيفاء المواصفات».

واللافت في الاجتماع الذي عُقد السبت في مبنى البلدية، الحضور السياسي لكافة القوى، سواء تلك التي لم تسع طوال سنوات إلى ايجاد حلول لسموم المعمل، أو أنها كانت جزءاً من الخطة الإصلاحية التي وُضعت له. النائب سامي الجميّل، مثلاً، احتج على بناء المعمل الجديد في منطقة سكنية، مع أن بناء المعمل القديم أُقر عام 1983 في عهد والده الرئيس أمين الجميّل. فيما أراد التيار الوطني الحر التسكير على تبنّي القوات اللبنانية للاعتراض فشارك في اللقاء، علماً بأن المشروع هو من ضمن خطة الوزير جبران باسيل عندما كانت حقيبة الطاقة في عهدته، فتظاهر من حيث يدري أو لا يدري ضد وزيره. أما حزب القوات الذي يطرح نقل المعمل، تحت ذريعة وجوده في منطقة سكنية، إلى منطقة حامات فلم يفسّر لأحد كيف أن حامات ليست منطقة سكنية هي أيضاً! كذلك إن القوات التي تعترض على «وصلة المنصورية» لمنع إنجاز شبكة النقل في المعمل الجديد، لم توضح ما إذا كانت ستنهي اعتراضها إذا ما نُقل المعمل إلى حامات.

نوفل نفى في اتصال مع «الأخبار» هذه الاتهامات، وقال: «بحياتنا لم يتهمنا أحد بليرة». وأشار إلى تقرير لمستشفى سيدة لبنان بين وجود «83 إصابة حديثة في سرطان الرئة، و1300 حالة التهاب رئة و1100 إصابة ربو، وجود 3 دواخين، فكيف بالحري إذا ارتفع عددها إلى 11؟». وشدد على أن هذا هو الدافع الأساسي للتحرك «فليتفضلوا وليقدموا لنا الأثر البيئي والحلول لحل هذا الملف الأسود». لا يرى «الريس» أي استغلال سياسي للملف «جميعهم كانوا ممثلين، حتى أنني تلقيت اليوم اتصالات من النواب يشكرونني على التحرك». لا يوجد برنامج عمل أو متابعة للبلدية «نحن في انتظار التدابير الممكن اتخاذها. ولا مطلب لنا سوى إزالة التلوث».