Site icon IMLebanon

إهتمام فاتيكاني لتهدئة الوضع جنوباً وتثبيت الوجود المسيحي في القرى الحدوديّة

السفير البابوي زائر دائم للبلدات المسيحيّة… ومُشارك في احتفالاتها وحلّ مشاكلها

 

بالتزامن مع التهديدات “الاسرائيلية” اليومية بإجتياح الجنوب، وإتساع الحرب لتشمل كل لبنان، تداخلت الوساطات الدولية لتفادي هذه الحرب، ومن ضمنها برز إهتمام لافت من قداسة البابا فرنسيس بالملف اللبناني، وإبعاد لبنان عن الحرب وتهدئة الوضع في الجنوب، وسبق أن طرح هذا الملف على بعض عواصم القرار للمساهمة في الحل، بالتزامن مع ما يحصل من تحوّلات في المنطقة، وعدم وجود جهوزية للتعاطي مع هذه المتغيرات والتطورات المتسارعة، في ظل تكاثر ملفات لبنان العالقة، خصوصاً الملف الرئاسي وسيطرة الفراغ منذ نهاية تشرين الاول 2022.

 

من هذا المنطلق، يقول مصدر ديبلوماسي انّ الفاتيكان دخل على الخط من جديد، بالتزامن مع توجيه البطريرك الماروني بشارة الراعي رسائل وإشارات، منعاً من ان يصبح لبنان كبش محرقة، ومن هنا يكرّر سيّد الصرح في مجالسه وامام زواره، أّن لبنان المنهار يستوجب أن تطرح قضيته في مؤتمر دولي خاص برعاية الأمم المتحدة، مهمته توفير ضمانات دائمة للوجود اللبناني.

 

هذه الصورة القاتمة المترافقة مع مخاطر عديدة، أبرزها زيادة طلبات الهجرة كل يوم الى أوروبا وأميركا للشباب المسيحيين، وهواجس تغيير وجه لبنان بسبب الاختلال الديموغرافي، إذا تقلص عدد المسيحيين خصوصاً في القرى الجنوبية الحدودية وزاد عدد الغرباء، فهذه الهواجس ادت الى دفع الفاتيكان للتدخل مع باريس وواشنطن للمساهمة في العمل الديبلوماسي، وإبعاد شبح الحرب الواسعة عن الجنوب تحديداً، والعمل من جديد للمحافظة على الصيغة اللبنانية، تأكيداً على إعتبار لبنان بلد الرسالة وحوار الأديان والحضارات، والعودة الى الصيغة اللبنانية القائمة على التعايش المشترك، وتثبيت المسيحيين الجنوبيين في ارضهم، لكن تردّي الاوضاع الامنية هناك جعل الحياة صعبة جداً.

 

وقال رئيس بلدية رميش ميلاد العلم لـ “الديار”: بأنّ “الوضع الاقتصادي مزري في البلدة، فلا اعمال ولا مدارس ولا منتجات زراعية، لكن خلال الاعياد عاد القسم الاكبر من الاهالي، لإحياء الشعانين وعيد الفصح المجيد، فيما الوضع الامني اليوم غير ثابت، وهذا ما يقلق من إعادة نزوحهم من جديد”.

 

الى ذلك، وتعليقاً على ما قاله رئيس بلدية رميش، أشار المصدر الديبلوماسي الى انّ العمل جار بقوة لتحييد الجنوب وإيقاف الحرب في غزة، وهنالك تواصل دائم ايضاً مع عواصم عربية فاعلة، ولفت الى الزيارة التي قام بها أمين سر الفاتيكان للعلاقات مع الدول بول ريشار غالاغر الى الاردن قبل فترة وجيزة، حيث بحث ملف لبنان والمنطقة بشكل عام.

 

في السايق، نقل المصدر المذكور قلق بابا الفاتيكان على المسيحيين في البلدات الحدودية، ولذا يواصل السفير البابوي بابلو بورجيا زياراته الى هناك، ويشارك في الاحتفالات الدينية حتى انّ فاعلياتها يتصلون به عند حصول اي مشكلة، وهذا ما جرى خلال الاشكال الاسبوع الماضي بين عدد من شبان بلدة رميش وبعض العناصر المسلحة.

 

وكشف المصدر بأنّ الفاتيكان تشدّد دائماً على إبقاء المسيحيين في بلداتهم الحدودية، لكن ما يحصل أمنياً جرّاء القصف العشوائي وسقوط الضحايا والدمار الهائل في الممتلكات والأرزاق، لا يعزّز هذا البقاء ، لذا يتخذ هذا التشديد إهتماماً بارزاً من قبل الموفد البابوي، الذي يكرّر في كل مواقفه ضرورة ان يحل السلام في كل المناطق الجنوبية، في ظل الاوضاع المعيشية والاقتصادية الصعبة، وإستبشر المصدر بنجاح مرتقب للوساطة الفاتيكانية، لتحييد جنوب لبنان الذي دفع الاثمان الباهظة عن كل القضايا العربية.

 

وعن الملف الرئاسي وإمكانية حله قريباً، ختم المصدر الديبلوماسي: “الرئيس اللبناني المنتظر يشغل دائماً بال العالمين العربي والغربي، فيتم اختياره وفقاً لما هو مطلوب إقليمياً، ووفق ما تبغيه الدول القريبة، أي باختصار على الرئيس اللبناني أن ينال مباركة الجميع وإلا لن يصل إلى سدّة الرئاسة، وبأنّ أسماءً كانت مرشحة للرئاسة طُويت، وأخرى طامحة لن تصل إلى مبتغاها. لذا فالخيار الصحيح مطلوب أولاً، وعدم وضع الشروط والعصي في الدواليب، كي تحظوا بالرئيس المنتظر مع ما ستؤول إليه التطورات الداخلية والإقليمية، خصوصاً معالم التسوية المرتقبة التي لا بدّ أن تشمل لبنان. وفي انتظار تلك التسوية، على المسؤولين اللبنانيين مهمة حماية موقع الرئاسة وعدم السماح لأحد بإضعافه”.