قالت أوساط كنسيّة، أن الكنيسة لا تخشى انزلاق المواجهات السياسية على الساحة المسيحية الى مواجهات في الشارع، لأنها تدرك أن هناك وعياً سياسياً لدى جميع المسؤولين في التيارات والأحزاب على اختلافها، كما أن المرحلة التي كان يؤدي فيها الإنقسام السياسي إلى اشتباكات ومواجهات قد انتهى، لأنه في زمن الحرب من الطبيعي أن يتطوّر الإشتباك السياسي الى مواجهات في الشارع، لكن في زمن السلم لن يحصل هذا الأمر. وبالتالي، فإن الكنيسة لا تخشى المواجهات، ولكنها تحذّر من إعادة عقارب الساعة إلى الوراء، لأن أكثر ما تضرّر منه المسيحيون كان المواجهة التي حصلت على الساحة المسيحية، لأن هذا النوع من المواجهات يؤدي إلى سقوط الإستقرار، وينعكس سلباً على الواقع السياسي.
واستدركت الأوساط، أنه، وعلى الرغم من عدم خشية الكنيسة، إلا أنها تحذّر أياً كان من أي خطة من هذا القبيل، وتحديداً بعد السيناريو الذي رأيناه من قبل القاضية غادة عون، الذي لم يكن مطمئناً، وذلك لجهة دخولها عنوة، ومن دون أي قرار قضائي، الى مكاتب أشخاص معينين، وبالتوازي مع حركة تظاهرات في الشارع داعمة لهذا الخيار، وكأن هناك نية لجرّ الآخرين إلى اشتباك. وأضافت الاوساط أن البطريرك الماروني بشارة الراعي كان قد عبّر عن سخطه من أي تصرّف خارج نطاق القضاء والمؤسّسات، لأنه يجرّ الويلات على البلد.
وقالت الأوساط الكنسية، أن الإنقسام السياسي في أي بلد ديمقراطي هو انقسام طبيعي، ولكن أن يتم استحضار الماضي ونبش القبور في كل مرة، فهذا أمر غير مقبول لا من قريب ولا من بعيد، لأن الماضي قد مضى ولا يجب العودة إليه، وهو ماضٍ أليم، ولكل فريق وجهة نظره من الأحداث التي حصلت، ولا يجوز إطلاقاً عند كل خلاف سياسي أو اشتباك، أو انقسام العودة إلى الماضي، مما ينفّر المسيحيين ويجعلهم يرغبون بالهجرة، وبالتالي، فإن أي خلاف يجب أن ينحصر بالملف الذي حصل الإنقسام حوله، وليس الذهاب نحو نبش الماضي، فضلاً عن أن المسيحيين يريدون الخروج من واقعهم المزري الذي وصلوا إليه، ويرفضون أية عمليات استحضار لأحداث أليمة.
ولذلك، تشدّد الأوساط الكنسية، على ضرورة أن تنصبّ كل الجهود على العمل لإخراج لبنان من هذه الأزمة التي جعلت اللبنانيين عموماً، والمسيحيين خصوصاً، يفكّرون بالهجرة ويخشون على مصيرهم وحياتهم وصحتهم، والبطريرك الماروني، يؤكد باستمرار على ضرورة تشكيل الحكومة وهو قال بشكل واضح في واقع الحقوق والصلاحيات، أن المسألة ليست مسألة صلاحيات، بل مسؤوليات، وكان واضحاً برمي المسؤولية على المسؤولين بقوله أن الصراع ليس طائفياً، وليس صراعاً على الصلاحيات، بل إن المشكلة تكمن في الإدارة السياسية التي تضع مصالحها الشخصية قبل أي اعتبار آخر. وختمت الأوساط، بالتأكيد على ضرورة الخروج من هذه الأزمة والترفّع عن المصالح الضيقة والأنانية، ودعت إلى إنهاء هذه الأزمة فوراً، لأن الوضع لم يعد يحتمل، وقبل الحديث عن الحقوق يجب أن يبقى المسيحيون في لبنان، والتراجع عن السياسات التي تؤدي إلى تهجيرهم.