حسناً فعل “التيار الوطني الحر” و”القوات اللبنانية” بتقاربهما وتفاهمهما في الحد الادنى من الامور، وهو ما انتظرناه طويلا ليطوي الصفحة السوداء في تاريخ العلاقة بينهما، والتي انعكست على كل مفاصل حياة المجتمع المسيحي، اذا صحت التسمية. واذا كنا ننظر بإيجابية مطلقة الى هذه العلاقة المستجدة، وما يمكن ان تقدمه في مجال استعادة بعض الحقوق المسلوبة، من دون كثير مبالغة وبكاء على الاطلال، فإن ثمة تخوفاً بدأ يظهر من ان يقتصر التعاون على تنسيق في التعطيل. تعطيل المؤسسات وتعطيل التشريع الضروري لتسيير امور الدولة والمواطنين.
ولعل ما قاله أمس النائب فريد الخازن خير معبر عما ينبغي ان يكون. فقد دعا الكتل المسيحية الى التوافق على العناوين الاساسية والمبدئية لقانون الانتخاب، ليتسنى تسويقه لدى الشريك المسلم في الوطن واقراره في مجلس النواب.
من دون هذا التوافق، الذي يجب ان يحظى أيضا برضى شركاء الوطن، لا جدوى للإصرار على إدراج الموضوع على جدول اعمال الجلسة التشريعية، أو يكون شكلياً لإنقاذ ماء الوجه. ولا ينتظر المسيحيون اجراء شكليا لا ينفع في شيء، بل باتوا يتطلعون الى انجاز حقيقي.
لقد اضاع الجميع الوقت منذ التمديد الاول ثم الثاني لمجلس النواب الحالي، ولكل اسبابه وهواجسه، وربما حساباته الداخلية والاقليمية، ولم يسع اي فريق الى انجاز مسودة مشروع يمكن ان تتوافق عليها كل مكونات البلد. والكرة عند المسيحيين، الذين تقع عليهم أولاً مسؤولية احترام الدستور، والتمسك باتفاق الطائف، وتحضير مشاريع قوانين لا تخالفه، بدل التلهي بأفكار وطروحات يمكن ان تجر البلد، ومسيحييه تحديداً، الى واقع جديد مجهول حتى تاريخه، لانه يمكن ان يخرج من نطاقهم ومن قبضة الداخل، ويتحول شد حبال اقليمياً، ويصار الى ربطه بكل الملفات الاقليمية العالقة. وفي هذا شر وبلاء كبيران.
لذا نتطلع الى “اعلان النيات” ليكمل ما بدأه من ايجابيات، متجنباً التحول الى مواجهة مع الشركاء، او الى التعطيل، بل الى إنجاز ملفات تخدم المسيحيين ولا تضر بالمصلحة الوطنية العليا، فـ “ام الصبي” مؤتمنة على عدم خنق وليدها.