ردّ الفعل المسيحي لن يؤدي إلى تأجيل الجلسة التشريعية
محاولة البعض إستقطاب الشارع تحت عنوان «نحن نُعزَل» تُنذر بأزمة مفتوحة
بري لن يضع قانون الانتخاب على جدول أعمال أي جلسة ما لم يكن هناك توافق
هل تقف البلاد على عتبة هبوب عاصفة سياسية على خلفية الفرز السياسي الحاصل حول ميثاقية الجلسة التشريعية التي ستنطلق غداً وعلى مدى يومين متتاليين لإقرار مشاريع واقتراحات قوانين وصفت بالضرورية في ما خصّ الشأن المالي اللبناني، فنكون ساعتئذٍ أمام خارطة جديدة من التحالفات، أم أن الجلسة ستُعقد وأن الصراخ سيتلاشى فور ضرب الرئيس نبيه برّي بمطرقة الرئاسة إيذاناً بانتهاء الجلسة ويكون ما حصل قد حصل وينصرف أهل السياسة للتفتيش عن ملف خلافي آخر يعبئون فيه الوقت إلى حين أن تلفح رياح التسوية لبنان فيُعيد تنظيم أولوياته ويُعيد الحياة إلى مؤسساته الدستورية بدءاً من ملء الفراغ الرئاسي وانتهاءً بإطلاق يد الحكومة ومعها العمل التشريعي؟
فالصخب السياسي الذي ظهر فور دعوة الرئيس برّي إلى هذه الجلسة يتوقّع أن يرتفع منسوبه في غضون الساعات المقبلة، وهذا ما أظهرته المواقف واللقاءات التي حصلت في العديد من المقار السياسية انطلاقاً من مجلس النواب مروراً بعين التينة، فالرابية ومعراب وصولاً إلى بكفيا، حيث خلصت إلى أن الساحة الداخلية تتحضّر لدخول مدار أزمة تُضاف إلى جبل الأزمات الموجود، وأن شظايا هذه الأزمة ستُصيب حتماً الشارع الذي لوّح بعض المعترضين على ميثاقية الجلسة النيابية بالنزول إليه، وهو ما يجعل البلد أمام مخاطر جديدة ربما تُستغلّ من قبل بعض الأطراف لإرباك الوضع الداخلي والإطاحة بأي أمل مُرتجى من الحوار القائم على خطّي عين التينة والمجلس النيابي.
في تقدير أوساط سياسية مطّلعة أننا على أبواب أزمة سياسية مفتوحة، وأن العراك الحاصل حول العمل التشريعي وسعي البعض لإلصاقه بانتخاب رئيس وإنتاج قانون جديد للإنتخابات ينتظر أن يكون عراكاً حامي الوطيس سيما وأن هناك مزايدة من بعض القوى المسيحية لاستقطاب الشارع المسيحي تحت عنوان: «نحن نعزل من قبل فريق سياسي معين في البلد، وأن هذه المزايدة ربما تصل إلى مرحلة إعلان العصيان أو الإضراب المفتوح، وربما أيضاً خطوات من نوع آخر في سبيل فرض واقع سياسي معين يفرمل كل الأمور إلى ان يحين موعد انتخاب رئيس للجمهورية.
وتبدي هذه الأوساط مخاوفها من ان يأخذ أي اصطفاف سياسي جديد بعداً طائفياً وبالتالي ننزلق إلى آتون صراعات جديدة تؤدي إلى مزيد من التشرذم والضياع في وقت أحوج ما نكون فيه إلى ترتيب البيت الداخلي ليكون لدينا القدرة على مواجهة الرياح العاتية الموجودة في المنطقة إن هي لفحت لبنان، أو الاستفادة من أي تسوية يمكن ان تحصل على مستوى المنطقة.
واستبعدت الأوساط إمكانية ان يؤدي ردّ الفعل المسيحي الذي ربما يترجم في الشارع إلى تأجيل الجلسة التشريعية رغم تدخلات من الطرفين، سيما وانه تمّ رصد حركة في اتجاه السعي لاحتواء الأزمة من داخل 8 و14 آذار وفي الكثير من الاتجاهات، وان حصل التأجيل سيكون من باب رغبة الرئيس برّي بتجنب البلد أزمات جديدة، وهو بذلك لن يكون الخاسر لأنه سيلقي بالعبء الذي حاول تجنيبه للبلد خصوصاً على المستوى المالي والاقتصادي على عاتق الذين اعترضوا على عقد الجلسة المخصصة لهذه الغاية.
والسؤال هل سنكون امام اصطفافات جديدة؟ في رأي الأوساط السياسية ان البلد لا يحتمل ذلك، كما ان أحداً من القوى السياسية لن يكون في مقدوره نسج تحالفات جديدة في هذه المرحلة حيث كل الأوراق مبعثرة في الداخل والخارج، وبالتالي فإننا ربما نكون ما بين ازمة حلفاء وأزمة صلاحيات، لأنه من غير الجائز ان يضغط أي فريق على رئيس المجلس لتضمين جدول أعمال أي جلسة تشريعية بنوداً خاصة به، متسائلة كيف يمكن ان يضع رئيس المجلس على جدول أعمال الجلسة قانون الانتخاب من دون توافق، الا إذا كان هذا من باب المكابرة السياسية لتحقيق غايات غير مرئية.
ودعت الأوساط إلى ترقب ما سيعلنه الأمين العام لـ«حزب الله» السيّد حسن نصر الله في «يوم الشهيد» اليوم سيما وأن كتلة «الوفاء للمقاومة» استبقت ظهور السيّد نصر الله بالاعلان عن مساعٍ تقوم بها للوصول إلى تفاهم إيجابي وهي أهابت بالكتل النيابية والقوى السياسية مقاربة جلسة التشريع بكل مسؤولية وطنية، وهذا الموقف للكتلة نابع من حرص لديها على إبقاء التحالف مع الرابية متيناً وقد عبر العماد ميشال عون عن ذلك بوصفه تحالفه مع حزب الله بأنه مثل قلعة بعلبك، ومن منطلق حرصه أيضاً على عدم التفريط بالعلاقة المنسوجة بعناية فائقة مع رئيس المجلس.
وتعرب الأوساط عن اعتقاده بأنه سيظهر اليوم الخيط الأبيض من الخيط الأسود بنتيجة الاتصالات والجهود التي يبذلها سعاة الخير، فإذا لم تفلح هذه المساعي سنكون امام أزمة مجهولة النتائج، وفي حال نجحت تكون الساحة السياسية تجنبت الكأس المرة.