كلما اطل الامين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله كان لاطلالته وقع خاص، لما تحمله من جديد، الامر الذي يجعل الرسائل التي يضمنها في مواقفه محل نقاش وتدقيق وتمحيص على غير مستوى.
بعد اطلالتيه الاخيرتين عقدت جلسة نقاش عند مرجع مسيحي سابق خلصت في التقييم والاستنتاج الى جملة مشتركات.
من هذه الخلاصات ان قتال «حزب الله» للجماعات الارهابية التكفيرية، ينطلق من مسلمتين اساسيتين: حماية الاسلام القرآني والوحدة الاسلامية والوطنية، وحماية المسيحية المشرقية.
في الاولى، عبّر «حزب الله» عن حرصه عبر الوقائع التالية:
ـ الاتفاق الرباعي الذي عقده خلال الانتخابات النيابية عام 2005 والتي اسفرت عن اعطاء الغالبية النيابية لتيار «المستقبل» وحلفائه، وقبوله بتكليف «صقر» تيار «المستقبل» فؤاد السنيورة تأليف الحكومة.
ـ موقفه الوطني بعد عدوان تموز صيف العام 2006 واصراره على عدم استثمار نصره ذاتيا، وابداء حرصه على مشاركة المسلمين خاصة واللبنانيين عامة بهذا النصر، واعتباره نصرا للوحدة الاسلامية وللوحدة الوطنية معا.
ـ احداث 7 ايار 2008 والتي جاءت نتيجة لتراكمات خطيرة آخرها قرارات الحكومة المبتورة في 5 ايار، واصرار الحزب بعدها على الحفاظ على مكون الوحدة الاسلامية من جهة ومكون الوحدة الوطنية من جهة اخرى، بغض النظر عن الوقائع الميدانية.
ـ مواجهته للجماعات التكفيرية، وهذه المواجهة تأتي من باب حرصه على الوحدة الاسلامية بكل مكوناتها المذهبية والتي لم يترك التكفيريون الارهابيون معلما دينيا، سنيا كان ام شيعيا ام علويا ام درزيا، الا ودمروه، ولم يقع اي رجل دين في قبضتهم ينتمي الى هذه المذاهب الا وقتلوه.
ـ دفاعه عن القوميتين الكردية والايزيدية، بغض النظر عن الانتماء العقائدي او الاثني ومن منطلق انساني صرف.
في الثانية، اثبت «حزب الله» حرصه على حماية المسيحية المشرقية عبر الوقائع التالية:
ـ اعترافه بالجنرال ميشال عون بعد الانتخابات النيابية عام 2005 ومن خلال ورقة التفاهم التي ابرمها مع «التيار الوطني الحر»، أنه الزعيم المسيحي المشرقي الاول في لبنان والمنطقة.
ـ اصرار الحزب عندما ذهبت القوى اللبنانية الى الدوحة على عدم الموافقة على انتخاب قائد الجيش اللبناني آنذاك العماد ميشال سليمان رئيسا للجمهورية قبل موافقة العماد عون على ذلك.
ـ بذهاب «حزب الله» الى سوريا لمواجهة المجموعات الارهابية التكفيرية، أكد حرصه على حماية المقدسات المسيحية المشرقية التي لم تمسّ في المنطقة منذ عصر الخلفاء الراشدين والعصور التي تلت الى حين وصلت اليها يد الارهاب التكفيري.
ومن الخلاصات ايضا ان «حزب الله»، عبر قتاله الجهادي للتكفيريين، انما يتمسك بالتعاليم الحقيقية للاسلام القرآني، وهو يدافع عن المقدسات المسيحية المشرقية بذات العزيمة التي يدافع فيها عن المقدسات الاسلامية بكل مذاهبها لان هذا من صلب الايمان القرآني. وهذا يعني ان ما قام ويقوم به الحزب من مواجهة للجماعات الارهابية التكفيرية جعلت منه المظلة الآمنة على لبنان والمنطقة، فهو استبق التحالف الدولي بثلاث سنوات، وجعل من نفسه ايضا مظلة آمنة على المجتمع الدولي، لانه بقتاله القادمين من الدول الغربية والشرقية يكون بذلك عمليا يحمي هذه الدول من هؤلاء.
من هذه الزاوية الاستراتيجية تقرأ مواقف السيد نصرالله على المستوى المسيحي، حيث يسود التمني في ان تحذو حذوه القيادات الاسلامية الاخرى، بحيث تتوفر لديها العزيمة والارادة على صون الاسلام القرآني كخط دفاع صلب اساسي ووحيد عن المسيحية المشرقية.