Site icon IMLebanon

عن السيطرة على المشاعات والعقارات في الجنوب

 

تصاعد التوتر في الجنوب مع الإشكال الذي أثاره «حزب الله» من خلال ذراعه شبه العسكرية، جمعية «أخضر بلا حدود» في بلدة رميش من خلال فرضه السيطرة على محيطها ومنع الأهالي من الوصول إلى أراضيهم بشكل معلن، ومن دون أقنعة أو تبريرات، الأمر الذي أعاد تسليط الضوء على أوضاع المواطنين وحقيقة الظروف التي يعيشونها في ظلّ سيطرة «سلاح الحزب» ومواصلة تنفيذ مشروعه التوسعي بوضع اليد على المشاعات والعقارات الخاصة والمساحات ذات الطابع الاستراتيجي من الأراضي الجنوبية، شاملاً بذلك كلّ مناطق الجنوب.

 

بعد الانتخابات النيابية وهزيمة مرشحي «التيار الوطني الحرّ» في الجنوب وانكشاف عمق التحوّل الذي شهده الشارع المسيحي ضدّ رئيس «التيار الوطني الحرّ» جبران باسيل والتقدم الواضح «للقوات اللبنانية»، شهدت مواقع القرار المشتركة بين القيادة الإيرانية و»حزب الله» تقييماً عميقاً بعد الدراسة التفصيلية لنتائج صناديق الاقتراع ووضع استراتيجية لاحتواء التغيير الحاصل شعبياً وسياسياً.

 

كانت الخلاصة في التقييم المشار إليه أنّ «حزب الله» بالغ في تقدير قدرته على اختراق الشارع المسيحي وتقرّر إعادة الاعتبار للغة تخوين المسيحيين وتضييق الحصار عليهم وخاصة أولئك القاطنين في القرى الحدودية، ذات الوضع الحساس أمنياً، وصولاً إلى ما يمكن تسميته «التهجير البارد».

 

من يراجع تسلسل الأحداث المتعلقة بافتعال الإشكالات مع أهالي المناطق المسيحية يدرك أنّها ليست ناتجة عن حوادث آنية، بل هي سياسة تنبع من التحريض وتصوير المسيحيين على أنّهم «خطر على المقاومة» وظهر هذا التوجه بشكل خاص بعد بروز ملف المطران موسى الحاج. ولطالما نظر «حزب الله» إلى سكان الشريط الحدودي السابق على أنّهم بقايا عملاء جيش لبنان الجنوبي – لحد، وكم كرّر أمينه العام مقولته بأنّه عفا عنهم وأبقاهم في أرضهم بدلاً من الانتقام منهم وتهجيرهم، من أجل الحفاظ على صورته العامة باعتباره حامياً للأقليات في لبنان والمنطقة.

 

يمتدّ الاستهداف في الجنوب ليشمل السنة وهم يعانون أيضاً من منعهم من الوصول إلى أراضيهم، وخاصة في بلدتي يارين ومرواحين الحدوديتين، وسبق أن وقعت إشكالات مع «الحزب» سقطت خلالها خسائر بشرية، بسبب تحويل مساحات من هذه الأراضي إلى مساحات عسكرية مغلقة رغم وجود ملكياتٍ واضحة لأصحابها، وهذا التضييق متواصل ويشكِّل حصاراً مسكوتاً عنه منذ عقود.

 

الصراع يمتدّ أيضاً بين «حزب الله» وحركة «أمل»، في السيطرة على المشاعات، وسُجِّلت مئات الحوادث خلال السنوات الفائتة سقط فيها قتلى وجرحى، ووقعت انفجارات غامضة على خلفية التنازع على العقارات، بهدف حسم السيطرة وإخضاع الحركة للوضعية الاستراتيجية لـ»الحزب».

 

يتقن جمهور «حزب الله» فنون التضييق والاشتباك «الأهلي» ومنها:

 

ــ منـع الأهـالي من استخـدام أراضيهـم سواء في المجـال الزراعي أو التجاري أو في أي مجال آخر، واختلاق نزاع مزعوم على الأراضي لا أساس له، لكنّه يستعمل الأمر الواقع والتشويش الإعلامي لتشتيت الانتباه عن استيلائه على الأراضي، ثمّ التدخّل للتجميد وعدم التراجع عن خطوات السيطرة من خلال رجال الدين والمسؤولين المحليين تحت شعار التفاوض والتوضيح.

 

ــ إتلاف المزروعات بدفع الرعيان لاقتحام الأراضي الزراعية المستهدفة.

 

ــ اعتراض الطرق وعرقلة الحركة.

 

ــ رمي النفايات والأتربة في الأماكن السكنية والزراعية.

 

ــ دفع النساء إلى التلاسن مع الرجال لاتهامهم بالتعرض للأعراض وتوسيع دائرة التوتير عند الاقتضاء.

 

ــ التعامل بالتسخيف والاستهتار بردات الفعل على هذه الممارسات لزيادة الضغط النفسي على المستهدَفين.

 

ــ الضغط على الإعلاميين والناشطين عبر وسائل التواصل الاجتماعي لعدم التطرق إلى مثل هذه الأحداث.

 

وكلّ هذه الوسائل هي من النوع البارد الذي يصعب الحديث عنه في الإعلام، لأنّه سيبدو غير ذي قيمة. خلاصة الوضع في الجنوب أنّ «حزب الله» يعمل على التضييق على مخالفيه بالضغط المتواصل، وعلى إخضاع أبناء بيئته من الحلفاء والمخالفين على حدٍّ سواء.