على قدر ما صلّى نوّاب التيار الوطني الحر ووزراؤه وتكنوقراطيّوه، على ضوء الشموع والقناديل، وعلى قدر ما تضرعوا أمام صور القديسين وتماثيل المزارات لوأد الطعن المقدم من “الجمهورية القوية” بسلفة الـ 200 مليون دولار لتمويل الفشل المستدام في قطاع الطاقة،…انتقل القاضي أنطوان بريدي إلى جوار الملائكة ففقد المجلس الدستوري نصابه وانتصر إلى حد ما مشروع السطو على جزء من آخر ما تبقى من أموال المودعين لتمويل النور غداً والعتمة في خلال شهرين.
كل تأجيل شامل للإنهيار انتصار. وكل انتصار يوضع في إطار استعادة الحقوق المسيحية.
بعكس أخوتنا السنة والشيعة لم يذق المسيحيون طعم الإنتصار الحقيقي إلّا لماماً. في تسعينات القرن الماضي كانت أقصى طموحاتهم أن يكتسح “الحكمة” غريمه “الرياضي” في المنارة، أو التزمير في نفق نهر الكلب. اليوم اختلفت الأمور فها هو السني القوي سعد الحريري في موقف العاجز منذ تشرين الأول عن الإقلاع بحكومة. اصطدمت تشكيلته بصلابة الجبل و”تفرطشت” مثل دوري نتفته خرطوشة جفت. في النهاية سيعتذر الحريري عن التشكيل وينتصر المسيحي القوي.
وسينتصر المسيحيون، يوم لا يعود، بفضل أداء القاضية غادة عون المبهر، يدخل إلى لبنان سنت ولا يعود يخرج منه دولار، فنعود إلى مطبعة دير مار أنطونيوس قزحيا نطبع ليرات على ورق العريش أو نسكّ نقوداً في مخرطة الحداد – المدينة الصناعية، سد البوشرية لجهة البرّاد اليوناني.
وسينتصر المسيحيون، عندما يورِث المسيحي الأول، الآتي بعد فراغ، اللبنانيين فراغاً دستورياً بعدما فرغت جيوبهم ومخازنهم وبراداتهم وعقولهم من كل شيء، إلاّ من الكرامة.
إنتصر المسيحيون وينتصرون بخيارات ملتبسة. إجر بـ “بُورْ” موسكو وإجر بـ “فلاحة” أميركا.
إنتصر المسيحيون بتجميد التشكيلات القضائية، وتجميد تعيين رئيس مجلس إدارة لتلفزيون الدولة، وتجميد مرسوم المزايدة البحرية، وتجميد مرسوم الإنتخابات الفرعية، وتجميد كل ما من شأنه الإخلال بالتوازن الوطني، وتجميد بويضات النبوغ المبكر…
إنتصر المسيحيون بتفعيل المجلس الأعلى للدفاع، كذراع مارونية بديلة عن الحكومة.
إنتصر المسيحيون، باستجلاب بدل الإنتداب الواحد ثلاثة.
إنتصر المسيحيون، وها هم يستعيدون حقوقهم تباعاً:
نالوا الحق بتنين كيلو سكر شهرياً، وقنينة زيت، وبون حليب مسحوب على مصرف لبنان.
نالوا الحق بفخذ دجاج مدعوم وفخذ نصف مدعوم.
نالوا الحق بوقية لحم عجل كل فصل.
نالوا فيز الهجرة بكميات لم يحلموا بها يوماً.
نالوا بطاقات إعاشة، تكفيهم كي يعيشوا بخوف الله حتى آخر العهد. وإن ماتوا بعد 31 تشرين الأول 2022 يموتون فرحين باسترجاع الحقوق المسيحية.