قد يكون من حسنات كلام رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي عن أعداد المسيحيين استناداً إلى تقرير مزعوم، أنّه فتح أعين المسيحيين على ما يواجهونه وما قد يواجهونه في هذا البلد، علّهم يتحرّكون باتجاه الحفاظ على وجودهم قبل استمرار غرق البعض منهم في شعارات فارغة تبدأ من الوحدة الوطنية ورفض التقسيم والفدرالية ولا تنتهي بالمناصفة.
الوجود المسيحي في لبنان ليس مرتبطاً بشخص أي زعيم يسعى للوصول إلى منصب رئاسة الجمهورية، فعلى هؤلاء ألا يصبحوا كالديك الذي يعتقد واهماً أنّ الشمس لا تشرق إلا بصياحه، علماً أنّ بعض هؤلاء ومن خلال خياراتهم السياسية ما تركوا للدور المسيحي في لبنان وجوداً، فإمّا هم سخّروه لمآربهم الشخصية وإمّا ألحقوه بخيارات سياسية لا تتناسب مع هوية لبنان وتعدديته وانفتاحه.
إنّ الحفاظ على الوجود المسيحي في لبنان لا يكون بالإستسلام لقوى الأمر الواقع وترداد شعاراتها والانخراط في مشاريعها داخل وخارج الحدود وإطلاق يدها في إدارة البلاد وتخوين من لا يدور في فلكها ومن يطرح مشاريع لا تتناسب مع مشاريعها، والسؤال لهؤلاء: ماذا كسب لبنان والمسيحيون تحديداً من استسلامكم هذا؟ هل حافظتم على البلد والدولة التي تتغنون بأنّ لولا المسيحيون لما وجدت؟ إنّ أسوأ من المستسلمين المسيحيين هم المسيحيون الذين يدّعون الوسطية، فهؤلاء هم حصان طروادة الذين كانوا دائماً إلى جانب من لا يريد الاستقرار والازدهار للبلد وساهموا دائماً في إسقاط أي حراكٍ او مشروعٍ ينشد استقلالية وحياد لبنان وكل ذلك تحت شعار «العيش المشترك» الذي يتبنونه عن خوف وعن مصلحة وليس عن قناعةٍ بعيشٍ مشتركٍ حقيقي عنوانه المساواة في الحقوق والواجبات والقرارات، وعن أيّ عيش مشترك يتحدث هؤلاء؟ هل من مساهمة لهم في قرار مستقبل لبنان ودوره؟
وخلافاً لكل ما يعتقده البعض إنّ الوجود المسيحي في لبنان لن يقوى ولن يستعيد دوره الريادي إلّا من خلال المواجهة السياسية وقول الأمور كما هي وطرح الخيارات السياسية التي تحافظ على الوجود المسيحي في لبنان مهما كانت متطرفة سياسياً، فالتطرف السياسي في الطرف الآخر هو خارطة الطريق التي يسير عليها المهيمنون على البلاد والعباد فيمنعون على اللبنانيين جميعاً وعلى المسيحيين خصوصاً أي محاولةٍ استقلاليةٍ وإصلاحيةٍ ليس فقط على صعيد المجموعات الوطنية بل أيضا على صعيد البلاد ككل.