IMLebanon

التنازل عن الدور

 

في هذه الأيام بالغة التحرّج نفتقد الدور المسيحي القيادي الفاعل الذي يستقطب مشاركة  قيادات من سائر الطوائف في مسارٍ نحو توحيد الصف اللبناني إزاء الأيام الآتية التي نعرف أن ما تخبّئه لهذا الوطن الصغير المعذّب، لن يكون إلّا مزيداً من العذاب والألم.

 

دعَونا، أمس، القيادات المسيحية الى الطلوع من شرنقة الأحقاد والضغائن، الى رحاب المبادرات الوطنية، فلا تبقى أسيرة الماضي المظلم والعقليات المريضة العفنة، واليوم نناشد غبطة البطريرك الراعي، وبإلحاح، أن يبادر الى موقف تاريخي، أسوة بأسلافه العظام، فيترأس وفداً لبنانياً جامعاً، يطوف به على عواصم القرار، بدءاً بواشنطن، ويمر في باريس، ولا يتوقّف عند أسوار الكرملين، في محاولة متعددة المسارات ذات هدف واضح: إبعاد الكأس المرة، كأس الحرب، عن لبنان…

 

كما نستغرب عدم الدعوة، حتى اليوم، الى مؤتمر وطني جامع يُعقد في بكركي، ويطلع بمقررات تعطي مفهوماً متطوراً للصيغة والميثاق والعيش المشترك، ومساراً واضحاً للستراتيجية الدفاعية، ما يزيل كل لبس وغموض يلف مسألة الصلاحيات وسوى ذلك.

 

إن سيدنا الراعي يدرك، أكثر من الجميع، الدور المسيحي في لبنان، وأكثر من غيره أيضاً يدرك كيف أن الأدوار تذوب الى أن تتبخّر ما لم يرعَها المعني بالقيام بها، وليأذن لنا غبطته والقارئ أن نستعيد، هاهنا، قولنا الذي نردده منذ عقود: «إن الأدوار مثل الأواني الفارغة، اذا لم تملأْها أنت ملأها غيرك، حتى الهواء».

 

ونعرف، يقيناً، أن الدور المسيحي في لبنان تقلّص الى حدود الزوال، ليس فقط بنصوص ومفاعيل وسوء تطبيق اتفاق الطائف وما نشأ عنه من مواد دستورية حمّالة أوجه وتفسيرات، إنما أيضاً بسبب تخلي القيادات المسيحية عن دورها، وقبولها الأمر الواقع الى حد استسلام الكثيرين منها، في حقبة الوصاية السورية على لبنان.

 

نحن لا نطالب باستعادة الدور، على الأقلّ لأن ذلك مستحيل، ولكننا نطالب، بإلحاح، بأن يمسك اللبنانيون شؤونهم بأيديهم، وإلّا فإن لبنان لن يكون الأمة الأولى والأخيرة التي تغيب شمسها.

 

والعدوان الوحشي المجرم الذي يشنه السفاح المجرم نتانياهو على غزة يجب ألّا يكون، بأي حال من الأحوال، مدخلاً لتدفيع اللبنانيين أثماناً ليسوا قادرين على تسديدها، ولا حول لهم على تحمل أثقالها.