Site icon IMLebanon

إنقاذ شامل أو غرق عام

 

اتصل بي، صباح أمس الباكر، رئيس سابق لهيئة مارونية ذات حيثية معنوية محترمة، ليبادرني قائلاً: لم أشأ أن أنتظر طويلاً لأعرب عن استعدادي لأكون في تصرف الفريق المسيحي من الشباب الذين تحدّثت عنهم لماماً في مقالك اليوم (أمس الثلاثاء في «الشرق») ولأقدّم لهم ما أمكن من الخبرة التي نكتنزها، نحن الشيوخ، ولأشدّ على أيديهم ولأعبّر عن تفهمي الكامل لخيبة أملهم فينا، نحن معشر السياسيين وأيضاً القيادات غير الزمنية. وأنا مطّلع على بشائر نشاطهم. وأرجو أن تنقل إليهم الآتي من الأفكار أو الملاحظات أو سمِّها ما شئت:

 

أوّلاً – إن الإحباط لدى اللبنانيين ليس متحكّماً بفريق أو طيف دون الآخر، وإن كان لدى المسيحيين أكثر من غيرهم. وأنا معهم في أن المسؤولية الكبرى تقع على القيادات المسيحية الزمنية وغير الزمنية التي أنا مقتنع بأنها دون مستوى هذه المرحلة بالغة الأهمية والخطورة والدقة.

 

ثانياً – واستطراداً، تكفي نظرة واحدة الى الطيف السنّي، ومثلها الى الطيف الدرزي، ليتبين أن الأسئلة المصيرية هي ذاتها كما لدى الآخرين، فلا أحد في لبنان يستطيع أن يعتدّ بأنه مرتاح الى الحال المأساوية التي هي عنوان المرحلة عموماً. فهل أهل السنة مرتاحون الى حال الشرذمة التي يعانونها؟ وهل بينهم مَن يتقبّل واقع تحويل هذه الطائفة (الأمّة) الى جماعة دورها مشلول؟ وهل في السنّيين مَن يقبض «عن جدّ» أن الرئيس نجيب ميقاتي هو قائم مقام فعلي لرئاسة الجمهورية وهو العاجز عن تقديم الساعة أو تأخيرها، قدرَ ما هو «مضطر» لأن يذهب الى حدّ ربط مسار وقف النار في الجنوب بوقفها في غزة؟ وأنت أشرتَ أمس الى هذه النقطة في مقالك! وهل الطيف الدرزي مرتاح في محمية لا يتجاوز كبير أحزابه «حدودها»، وهي الطائفة التي كانت، منذ القرن السادس عشر وحتى الماضي القريب، ركناً أساساً في بناء لبنان؟

 

ثالثاً – وأمّا الطيف الشيعي الذي يبدو، اليوم، وهو فعلاً كذلك، في المقدمة، فهل سيقطف ثمار الدماء القانية التي سالت من عروقه شلّالاً من الشباب الرائعين الذين ارتقت قوافلهم الى مجد الشهادة؟ وهل الشيعة اللبنانيون لا يعانون الضائقة الخانقة التي تلتف على أعناق اللبنانيين جميعهم؟

 

وقال: إنني أحيي همة الشباب الذين يسعون الى إيجاد سبيل للإنقاذ. وأعلم أن معاناتهم كبيرة. وأدرك يقيناً أن هناك مَن يحشو الرؤوس بكثير من البغضاء والأحقاد من قِبل القيادات التي لا تتقي الله في البلاد والعباد… ولكنهم يجب أن يدركوا سلسلة من الحقائق أهمها اثنتان:

 

الأولى – الإنقاذ؟ نعم! ولكن لا يستطيع ولا يجوز في المطلق، أن يظن أي طيف لبناني أنه يمكن أن يطفو على سطح المياه فيما الغرق نصيب الآخرين.

 

الثانية – لن تقوم قيامة للبنان من دون دور مسيحي فاعل، وهذه مسؤولية وطنية شاملة، أكّدَتْ عليها التجارب المرة منذ مرحلة ما بعد الحرب، بإشكالياتها الدستورية والميثاقية، وعلى مختلف الصعدان.