Site icon IMLebanon

انقسام مسيحي على الأولويات

يسود حراك داخل الشارع المسيحي وأروقة قياداته السياسية على خلفية التصعيد الشعبوي العوني لجهة المطالبة بـ«حقوق المسيحيين»، خصوصاً ان هذا العنوان ما زال يمثل عائقاً نظرياً أمام تسهيل اجتماعات مجلس الوزراء والتئام جلسة تشريعية لمجلس النواب. 

الانقسام المسيحي في شأن «حقوق المسيحيين»، يبدأ في الصرح البطريركي، حيث قالت أوساط كنسية إن موقف البطريرك مار بشارة بطرس الراعي واضح، وهو أبلغ جميع الذين اتصلوا به مراجعين، إن لا حل لما يسمّى «حقوق المسيحيين» قبل انتخاب رئيس جديد للجمهورية، هذا الامر يتقدم المطالب ويلغي ما عداها. 

وتضيف ان الراعي يصرّ على ملء الشغور الرئاسي قبل البحث في اي مطلب آخر، لان الرئيس هو الذي سيوقع اي مشروع إصلاحي من اي نوع، سواء كان للمسيحيين أو لغير المسيحيين، وتاليا قبل انتخاب الرئيس لن تكون هناك أي جدوى لأي بحث من أي نوع كان. 

وتضيف أن البطريرك الراعي لن يجاهر بأي موقف علني في وجه هذا الفريق المسيحي أو ذاك، خصوصاً أن المساعي التي يعوّل عليها غبطته لإخراج انتخابات الرئاسة من عنق الزجاجة، تعود الى مساعٍ دولية تضطلع بها فرنسا والفاتيكان، مشيرة الى أن فرنسا تعوّل كثيراً على المساعي التي سيبذلها وزير الخارجية لوران فابيوس في طهران أثناء زيارته لها في الأيام القليلة المقبلة، لإيجاد صيغة مقبولة لحل الأزمة الرئاسية. 

في التيار «الوطني الحر»، الصورة ليست أيضاً وردية، بل إن النقاش يدور بين تيارين، الاول يعتبر ان إثارة موضوع «حقوق المسيحيين»، لا يتم بالصيغة التي يطرحها مؤخراً التيار الثاني، المتضرر من توقيع ورقة «إعلان النيات»، مع حزب «القوات اللبنانية». 

ويجاهر الفريق الأول بأن الصبر والتأني ووضع جدول واضح للحوار مع «القوات» هو ما أوصل الى «إعلان النيات» في حين أن الحوار مع تيار «المستقبل» شابه الكثير من الغموض، والارتجال، ولذلك هو تعثر ويتعثر ولم يصل الى النهايات المطلوبة عونياً ووطنياً، ما أدى الى استدارة سياسية، وتفلت في الهجوم على تيار «المستقبل» ورئيسه، ونبش أوراق عفا عنها الزمن. 

ويضيف أنصار التيار الأول، أن تغطية فشل الحوار مع «المستقبل»، بمحاولة تهميش النائب ابراهيم كنعان، لحسابات عونية داخلية، وتسعير حدة الخلاف السياسي في البلاد، في هذه المرحلة الدقيقة، لن تؤدي سوى الى مزيد من الشرذمة سواء داخل التيار او خارجه. 

وتضيف، أنه إذا كانت ورقة «إعلان النيات» مع «القوات» غير مقبولة، من جمهور عوني، وبعض القيادات فالأجدى العمل على تطوير هذه الورقة، بدل العودة بعقارب الساعة الى الوراء. 

وفي سياق متصل عونياً، تشير مصادر قريبة من مدير مركز «ستاتيكتيس ليبانون» ربيع الهبر، أن الأخير رفض تكليف الجنرال عون له القيام باستطلاع رأي المسيحيين في شأن الزعيم الأقوى مسيحياً، مشيرة الى أن الهبر أبدى حرصاً على صدقيته المهنية، واشترط وجود شركة ثانية تعمل الى جانب شركته تكون مكلفة من قبل «القوات اللبنانية». 

وتضيف أن الهبر الذي يثق بعمله، يعتبر أن النتيجة مهما كانت ستلقى اعتراضاً من الطرف الآخر، وسيتم التشكيك بصدقية النتائج التي ستسفر عنها، وتالياً حرصاً على المهنية يجب ان تشترك شركة ثانية من قبل «القوات» وإلا فإن الهبر لن يجري الاستطلاع. 

على مقلب حزب «الكتائب اللبنانية»، تشير المعلومات الى أن الحزب حدّد موقفه منذ اليوم للشغور الرئاسي، وهو ما زال يصرّ على وضع عملية انتخاب رئيس في أول سلّم الأولويات، قبل البحث في أي مطلب آخر، وهو تالياً أقرب الى موقف البطريرك الراعي، مع مراعاة وجود ثلاثة وزراء من الحزب في الحكومة الحالية. 

فالحزب يوازن بين مقتضيات العمل الحكومي من جهة وأولوية انتخاب الرئيس من جهة ثانية، من دون أن يُخضع الحزب أولوية انتخاب الرئيس للمساومات.

النائب سليمان فرنجية، من جهته، يواصل انتقاد تسرع التيار العوني في تقليب الأولويات، وهو أبلغ جميع الموفدين من قبل التيار، أن سياستهم تعيد البلاد الى اللغة التي كانت سائدة في العام 1975، ليس هناك مسيحيون بسمنة إذا انتموا للتيار العوني، ومسيحيون بزيت إذا كانوا خارج التيار، فهذا المنطق ساد العام 1975، حين كان الهمّ المسيحي ينحصر في أولئك الذين يترددون على الصيفي، أما باقي المسيحيين فعليهم تدبّر أمورهم بأنفسهم. 

وأبلغ فرنجية موفدي الجنرال أن انتخاب الرئيس أولوية، و«حقوق المسيحيين» ليست حكراً على تعيين الجنرال شامل روكز قائداً للجيش، مع تأكيد فرنجية تأييده وصول روكز لقيادة الجيش، «ولكن أن يبقى الأمر محصوراً به من دون سواه، فهذا امتهان لكرامة المؤسسة العسكرية، بضباطها وعسكرييها، فهناك العديد من الضباط الذين يتمتعون بالكفاية اللازمة والمؤهلات التي تخولهم تولي قيادة الجيش التي يجب أن لا تشخصن الى هذه الدرجة». 

«القوات اللبنانية» من جهتها تعتبر أنها غير معنية بالشأن الحكومي، لأنها غير ممثلة بالحكومة، أما في شأن «حقوق المسيحيين»، فهي تركت الجنرال عون يتخبط منفرداً في الشارع، من دون أن توجه إليه لوماً أو عتباً، وفي المقابل أعلنت «القوات» أنها تتمسّك بشروطها لفتح دورة استثنائية لمجلس النواب لجهة تضمّن جدول الأعمال في أول بنوده، إقرار قانون للانتخابات واستعادة الجنسية.