IMLebanon

الوحدة المسيحية ودور بكركي

الوحدة حقٌّ والإنقسام باطل.

الوحدة قاعدةٌ والإنقسام استثناء.

الوحدة طبيعيةٌ والإنقسام مصطنع.

وعلى المسيحيين أن يختاروا:

إما الحق والقاعدة والطبيعي، وإما الباطل والإستثناء والمصطنع.

***

الخياران مُتاحان، وأكثر من ذلك خضعا للإختبار، فرأينا ثمن كلِّ خيار، فالإنقسام كان ثمنه الدم، والإستثناء كان ثمنه الهجرة التي تكون موقتة ثم تصبح دائمة، فما من عائلة هاجرت إلا وبقي نصف أعضائها على الأقل في الخارج، إنْ لم يكن كلها، والإنقسام المصطنع جعل التوتر قائماً أحياناً داخل العائلة الواحدة وأحياناً بين الجار وجاره.

***

إذاً الوحدة المسيحية مطلوبة، ولكن أيُّ وحدة؟

هل وحدة اللقاءات الشفوية التي تغمرها المجاملات وينتهي مفعولها عند الإدلاء بالتصريحات؟

هل وحدة ردة الفعل على موقف معيَّن؟

بالتأكيد لا، فالوحدة المسيحية المطلوبة هي على استراتيجيات وخطط والتطلع خمسين سنة إلى الأمام، ويجب أن تتناول الملفات الآتية:

وحدة مسيحية حول الإتفاق على رئيس للجمهورية يملأ الفراغ القاتل، الذي يكاد يوحي للعالم بأنَّ لبنان بإمكانه أن يعيش من دون رئيسٍ للجمهورية ومن دون رأسٍ استطراداً.

وحدة مسيحية للإتفاق على تعديل البند المتعلِّق برئاسة الجمهورية، الذي يمنع وقوع الفراغ، هذا الأمر هو من اختصاص الدستوريين الذين يُفتَرض فيهم أن يفتشوا في التجارب الدستورية في الدول التي سبقتنا، حول ما يمكن القيام به من أجل تفادي هذا الفراغ.

وحدة مسيحية للإتفاق على قانون جديد للإنتخابات يضمن للمسيحيين الدور الأساسي في اختيار نصف أعضاء مجلس النواب، أي 64 نائباً، بحيث لا يعود صوتهم مهمشاً لا في التشريع ولا في مراقبة أعمال الحكومة. إنَّ أيَّ قانون للإنتخابات لا يحقّق هذا الشرط يُفتَرض بالمسيحيين أن يرفضوه رفضاً مطلقاً. فإعادة إنتاج النظام تتمُّ من خلال مجلس نيابي يكون التمثيل فيه متوازناً، والتمثيل المتوازن لا يكون إلا من خلال قانون متوازن.

وحدة مسيحية للإتفاق على دور المغتربين، وهذا الإتفاق يقوم على الأسس التالية:

المغترب اللبناني مواطن لبناني كامل المواطنية والمواصفات، له ما للمقيم وعليه ما على المقيم، وحقوقه الأساسية تبدأ بحقِّه في المشاركة في تكوين السلطة ولا سيما السلطة التشريعية، بهذا المعنى يحق له المشاركة في الإنتخابات النيابية ترشحاً واقتراعاً، وما لم يحصل على هذا الحق فإنَّ دوره يجب ألا يقتصر على إغرائه بالمائدة اللبنانية الشهية ومازاتها المتنوعة، فهذه الأسطورة انتهت وليس بالموائد تُحصَّل حقوق المغتربين.

***

الوحدة المسيحية يجب أن تضم الجميع ولا تستثني أحداً، أما مسألة الأَحجام فيُفتَرض أن لا تُحددها إلا صناديق الإقتراع في الإنتخابات النيابية ولا شيء غير الإنتخابات النيابية.

***

الوحدة المسيحية تبدأ من بكركي التي أعطي لها مجد لبنان وحيث البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي هو بطريرك انطاكية وسائر المشرق. البطريرك الراعي قادرٌ على استدعاء الجميع وحثِّهم على هذه الوحدة العلمية الموضوعية البعيدة عن الحسابات الضيقة، وهو قادرٌ على ذلك لأنه يملك الجرأة ولا ينقصه العزم ولا الشجاعة.

***

الوحدة المسيحية مطلوبةٌ اليوم أكثر من أيِّ يومٍ مضى لأنها لم تعد خياراً بل باتت ضرورة حتمية، وأيُّ تأخير في تحقيقها هو طعنٌ ليس في الحاضر بل في المستقبل.