رفع البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي الصوت على خلفية استمرار تعطيل انتخابات رئاسة الجمهورية وقال كلاماً محقّاً عن محاولة لتهميش هذا الموقع المسيحي الأول في الدولة والتفرّد بحكمها من قبل الموقعين المسلمين أي رئاسة مجلس النواب ورئاسة الحكومة، وقد كانت رسالة البطريرك هذه موجهةً إلى هؤلاء، ولكنّها بالدرجة الأولى كانت موجهةً إلى نواب مسيحيين وتحديداً موارنة يشاركون في عملية التعطيل بإفقاد النصاب وبالورقة البيضاء. وفي هذا السياق يسأل مقربون من البطريرك: ماذا استفاد لبنان واللبنانيون ولا سيما المسيحيون من الشغور الرئاسي الحالي والشغور الذي سبق؟
الجواب لدى هؤلاء أنّ الشغور كانت له آثار سلبية على كلّ الواقع اللبناني ولا سيما على الواقع المسيحي في لبنان، إذ لا يجوز أن يسلّم لبنانيون دفّة رئاسة الجمهورية إلى فئة من اللبنانيين تقرر برهبة السلاح وخدمة لمشروعها الخارجي وأهدافه، هوية رئيس الجمهورية المقبل وطبيعة السياسة الواجب أن يتبع، ومن هي الدول المسموح له أن يتعاطى معها وتلك التي يجب أن يعاديها. والأنكى بحسب هؤلاء المقربين من البطريرك، عندما يسلّم بعض الطامحين للرئاسة بسياسة هذه الفئة وطروحاتها فقط من أجل أن تكون لديهم حظوة رئاسية لديها. وسأل هؤلاء المقربون: ألهذه الدرجة أصبحت بعض القوى السياسية مرتهنة ولا تملك القرار؟ ألا تجد تلك القوى شخصية صالحةً في صفوفها أو في المجتمع اللبناني ككل كي ترشّحها لرئاسة الجمهورية؟ وما الذي تخشاه إن طرحت اسماً من هنا أو من هناك؟
لقد أصبح الشغور في منصب رئاسة الجمهورية شغوراً مميتاً للبنان ولكلّ مكوّناته وتحديداً للمسيحيين، وأصبحت المسألة مسألة من يحتلّ هذا المنصب إرضاءً لطموحاته الشخصية وأهدافه الخاصة ووسيلةً لإرضاء حاشيته، فلقد حوّل هؤلاء منصب رئيس الجمهورية اللبنانية وهو المنصب الرئاسي الوحيد للمسيحيين في الشرق الأوسط، إلى منصب مفرغ من حضوره السياسي والمعنوي، لا بل إلى ألعوبة في يد من يمتلك القرار، يتصدّق به على من يرغب وساعة يشاء على خلفية امتحان للمرشحين يحظّر عليهم ارتكاب «الخطأ» خلاله لأنّ الخطأ مميت.