تحدثنا، أمس، في هذه الزاوية عمّا يؤرق المسيحيين اللبنانيين من هواجس وهموم. كان في تقديرنا أننا ننقل الى جميع اللبنانيين حقيقة الغصّة في حلق المسيحيين الذين يجدون أنفسهم »يطبّلون في عرسها بعدما كانوا سيدها«، على حدّ المثل السائر الذي يعتبرون أنه الأكثر تعبيراً عن وضعهم.
والانصاف يقتضي الإقرار بأنّ الشكوى لدى المسيحيين عامة. ولا يقلل منها كلام وزير من هنا أو نائب من هناك. ثم إن التذمّر ليس من الآخر في الخط السياسي المناقض، بل ايضاً من الحلفاء… وهذه حقيقة يعرفها الحلفاء أنفسهم. بمعنى أنّ حزب اللّه يعرفها كما يعرفها تيار المستقبل.
وسرد الأمثلة يمكن أن يستغرق وقتاً طويلاً… ولسنا في وارد تسجيل مآخذ كل من القيادات المسيحية البارزة على حلفائها. فقط أشرنا الى هذه النقطة من باب صدقية البحث.
وإنتقالاً الى الوضع السياسي الحالي، سواء ما كان منه مرتبطاً بالإستحقاق الرئاسي أم بأي ملف آخر، فإنّ المكوّنين المسيحيين الرئيسين، أي التيار الوطني الحرّ والقوات اللبنانية، ما زالا غير مصدّقين أنّ توافقهما على العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية لم يشكل (حتى اليوم) الخرق الفاعل المطلوب لإيصال الجنرال الى قصر بعبدا. قياديون في الرابية وفي معراب يقولون:
1 – كم مرّة استمعنا إليهم، في هذا الفريق أو في ذاك، يقولون لنا: فليتفق العماد والحكيم وسنأخذ بهذا الإتفاق؟! ويضيفون: هذا الكلام استمعنا إليه صادراً عن الرئيس نبيه بري، واستمعنا إليه صادراً عن الرئيس سعد الحريري.
ويتساءلون: وماذا كانت النتيجة؟ لقد إتفق الجنرال والحكيم فإذا بنا مطالبون بأن يكون إتفاق حتى مع آخر شخص لا يمون حتى على أهل بيته، إذ إنهم لا يكتفون بمطالبتنا بالإتفاق مع الرئيس أمين الجميل والوزير سليمان فرنجية وحدهما، بل يطالبوننا بالإتفاق أيضاً مع من لا حيثية لهم ولا حضور.
2- بالرغم من أن عدم التنسيق في الإنتخابات البلدية بين التيار الوطني الحرّ والقوات اللبنانية كان متقدماً على التنسيق (إذ تواجه الطرفان تنافساً أكثر ممّا التقيا تحالفاً) فإنّ نسبة ما حصلا عليه من الأصوات توازي (في أقل تقدير) إن لم تكن تتجاوز النسبة التي حصل عليها الثنائي الشيعي في مناطق نفوذه، وما حصل عليه تيار المستقبل وحلفاؤه المستجدون، اخصام الأمس.
وبالتالي: لماذا تكون كلمة الثنائي الشيعي مسموعة وكذلك كلمة المستقبل هي أيضاً مسموعة، وعدم الأخذ بأي منهما يُعتبر خرقاً للميثاقية… بينما لا يريدون الإستماع الى كلمة التيار الحرّ والقوات؟
3- يخطىء من يظن أنه »ماشي الحال« مع المسيحيين. ويجب أن يكون معلوماً لدى الطيفين الآخرين الرئيسين في البلد (السني والشيعي) ان التعبير عن الحال غير الماشية سيتخذ أشكالاً وأنماطاً تصاعدية. لأن المسيحيين لم يعودوا يقبلون باستمرار هذه الحال، مهما كانت النتائج.
4- (وللمناسبة): ألا يشكّل الأرمن، وبالذات حزب الطاشناق، مكوّنا حكومياً؟! فلماذا لم يحسب له حساب في معرض الكلام على المكوّن الواحد أو المكونين في سياق مقاطعة جلسة مجلس الوزراء أمس؟!