IMLebanon

المسيحيّون وسبل البقاء في الشرق : تثبيت الوجود أولى من الحوارات ؟!

لا تنتظر الساحة المسيحية الكثير الكثير من الانجازات الجوهرية جراء ما يجري من حوار بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية منذ بضعة اشهر ذلك انه بمجرد وجود بند الاستحقاق الرئاسي على جدول الاعمال وهذا في طبيعة الحال بند خلافي الا ان المطلوب اكثر واعمق وصولا الى جوهر وجود المسيحيين في لبنان والشرق. وتقول مصادر مسيحية مطلعة ان الحوار بحد ذاته ليس مضيعة للوقت انما كسبا للكثير من ترطيب الاجواء وكسر الحاجز القائم منذ عشرات السنوات خصوصا بين الحزبين والاتفاق على مبادئ عمومية مشتركة يمكن الوصول اليها انما السؤال لهذه المصادر يتمحور حول مسائل اعمق وادق اذا كان الفريقان يستشعران حقيقة الوضع المسيحي المهتز جراء ما يجري في بلدان الشرق الاوسط وما سيتعرض له لبنان من هوامش وتداعيات هذا التحول الكبير في المنطقة ذلك ان المسيحيين في العراق لم تكن لهم اية تدخلات سياسية وهم في مطلق الاحوال غير مؤثرين في المجرى العام للسياسة العراقية على مدى استقلال العراق وبالرغم من هذه الرمزية تعرض المسيحيون الى الترحيل والتهجير من اراضيهم وممتلكاتهم التي سكنوا فيها منذ آلاف السنين وبمعنى آخر فان الاخطار قد طالتهم في وجودهم بالرغم من كونهم متفرجين ان لم يكن بالحد الادنى لوجودهم توقهم نحو السكينة والهدوء حفاظا على وجودهم وبالانتقال الى سوريا فان للمسيحيين صورة طبق الاصل وموازية لوجودهم في العراق وبالرغم من ذلك تعرضوا للمذابح والقتل والتهجير، وعلى طول التاريخ اللبناني حيث الموطن الاوسع للمسيحيين في الشرق فان عمليات جرفهم من ارضهم ومحو بيوتهم من الوجود جرت في الماضي البعيد،وبالرغم من هذه الصورة السوداوية للمشهد المسيحي العام في المنطقة فان ثمة قاسم مشترك يمكن تحديده سبيلا للبقاء يتلخص باقتناعهم جميعا بالمعادلة التالية: اذا تعرض المسيحيون في لبنان لمكروه كبير فان التكفير لن يوفر القواتي عن العوني او الكتائبي او تيار المرده فالجميع موجودون في سكة واحدة واذا طال التهجير منطقة مسيحية معينة فالمناطق الاخرى سوف تصلها حتما المأساة نفسها.

من هنا فان هذه المصادر تنقل عن اوساط كنسية بان هذه المعادلة صحيحة مئة بالمئة وهي تحذر من اغفال هذا الموضوع الاهم في حياة المسيحيين في الشرق عن العامة من المسيحيين جميعا ذلك ان الخطر واحد وعلى الجميع التنبه له دون التلهي بالمسائل السياسية والمساومات القائمة والتطلع الى الهدف الوحيد الاساسي: الحفاظ على الوجود ذلك ان تقارب الاحزاب المسيحية على اهميته لا يعفيهم من المسؤوليات الاكبر من اسس هذا الحوار الذي يعتبر سطحيا، الى حد كبير بموازاة ما هو جدي ومطروح عن مصير المسيحيين جميعا، وتلفت هذه المصادر الى ان الاتفاق بين الاحزاب المسيحية على مسائل تكتيكية التي ظهرت مؤخرا لا تقدم ولا تؤخر في المسار الاستراتيجي للوجود المسيحي الذي يتطلب جهودا اقوى وارفع واعمق من الموجود حاليا حول المسائل التالية:

1- ان الحوار القائم بين القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر يمكن وضعه في قالب واحد ضيق الافق يتولى المسائل الاجرائية للسياسة العامة في لبنان الى حد الوصول لتقاسم السلطة التنفيذية اذا ما قيض لهما القبض عليهما وحدا في مطلق الاحوال مسار غامض لا يمكن الوصول اليه.

2- الاتفاق على قانون انتخاب هو جيد اذا ما ابصر النور ويمكن ان يعطي المناصفة للمسيحيين اقله في المجلس النيابي ولكن منافذ السلطة التنفيذية وابوابها مفاتيحها ليست لدى الجهة المسيحية بعد الطائف.

3- المشاركة في الادارة العامة للدولة امر اذا تم الحصول عليه يعد عاملاً جيداً بفعل التهميش الحاصل على مدى سنوات ولكن ما هي السبل الايلة للاستحصال على هذه الحقوق بعدما هضمها الزمن وتوارثها شركاء الوطن.

4- ووصلت الامور الى حد استنفار الصرح البطريركي في بكركي من اجل عدم تنفيذ ردم الحوض الرابع وهذا بحد ذاته يعبر عن ضعف الساسة المسيحيين المشاركين في الحكومة بحيث تساءل هذه المصادر: هل القوى المسيحية جمعاء والبطريركية المارونية عاجزة عن ردع هذا الموضوع والوقوف خلف مئات العائلات والموظفين الذين يستفيدون من هذا الحوض؟ فاذا كان الجواب المقابل بان الردم سوف يستمر وصولا الى الاقفال فهذا يفسر ويوضح الضعف القائم في الجسد المسيحي العام. فكيف اذن سوف يقاوم المسيحيون اهل التكفير والظلامة اذا ما تم استهدافهم؟

بالرغم من ذلك توضح هذه المصادر انه بديلا عن السياسة على القادة المسيحيين الالتفاف الجدي الى حال المواطنين المسيحيين الاجتماعية والمعيشية والاقتصادية بحيث تم حجب صفة الغنى عن الاوساط الشعبية المسيحية وبات الفقراء يفوق عديدهم ما كان موجودا لدى الطوائف الاسلامية وتتساءل التالي:

أ- اين تأمين المساكن للمسيحيين وخصوصا للشبان الذين يهاجرون؟

ب- اين المدارس ذات الاقساط المدروسة بديلا عن الجشع القائم؟

ج- اين المستشفيات واسعارها التي تكوي حياة المسيحيين؟

د- اين الجامعات التي يرحل عنها المسيحيون لعدم استطاعتهم الدخول فيها؟

هذه هي مقومات الحياة وسبل تثبيت الوجود وليس الحوارات السياسية على اهميتها.