Site icon IMLebanon

المسيحي “يبقّ” البحصة… اليوم اللامركزية وغداً الفيدرالية!

 

لا شكّ أن لبنان محكوم بالتوازنات الطائفية والمناطقية، وهذا الأمر ليس عيباً لأن كل دول العالم مقسّمة على أساسات معينة، لكن الخطر في إستخدام الطبقة الحاكمة كل تلك التناقضات لضمان استمرارها في الحكم.

 

يحاول البعض تخويف الشعب من المشاريع التقسيمية، في حين أن اللبنانيين أثبتوا، خلال ثورة 17 تشرين وبعدها، أنهم شعب موحّد لديهم نفس العذابات والمشاكل ويجمعهم حلم واحد من أقصى الجنوب إلى أقصى الشمال، وهو قيام الدولة العادلة التي تلبّي طموح أهلها.

 

ومع إستمرار التصعيد الشيعي والتشبث بوزارة المال والدعوة إلى مؤتمر تأسيسي والذي يحمل في طياته أحلام المثالثة، هبّ البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي لإسقاط هذه الفكرة وقالها علناً بأننا سنحاربها حتى النهاية ولن نقبل بتغيير وجه لبنان.

 

ولم تقتصر إنتفاضة الراعي على الكلام، وقد قال كلاماً قاسياً خلال مقابلته الأخيرة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون باعتبار الفرنسي يدير الأزمة اللبنانية حالياً، وقد صعّد الراعي لهجته لأن الشعب يموت جوعاً ومن الإنفجارات في حين أن بعض القيمين على الطوائف، وبدل العمل على حل المشاكل الوطنية، يسعى إلى حصد الحصص والتفتيش كيف يمكنه تقليص الوجود المسيحي في الدولة.

 

وعلى رغم الإختلاف الكبير بين الأحزاب والتيارات المسيحية وعلى رأسها “القوات اللبنانية” و”التيار الوطني الحرّ”، إلا أن كلام الراعي أحدث صدى كبيراً داخل البيئة المسيحية والوطنية، ومن يراقب خطابات مسؤولي “القوات” و”التيار” يكتشف أن مواقفهم من القضايا الكبرى هي نفسها تقريباً.

 

بدايةً، إن تمسّك كل من “القوات” و”التيار الوطني” بقانون الإنتخاب الحالي يعطي إنطباعاً بأن كل طروحات الرئيس نبيه برّي و”حزب الله” ستذهب أدراج الرياح لأن أي قانون لا يتفق عليه كل المكونات لا يمرّ، وبالتالي فإن قانون النسبية على أساس 15 دائرة أعاد التمثيل المسيحي إلى البرلمان وسمح للمكون المسيحي بانتخاب نحو 54 نائباً بأصوات مسيحية، أما القول إن هذا المجلس لم ينتج فذلك يعود إلى خيارات الناخبين ولمن يدلون بأصواتهم وليس الحق على القانون.

 

أما النقطة الأهم فهي إتفاق كل من أحزاب “القوات” و”الكتائب” و”الأحرار” و”التيار الوطني الحرّ” والكنيسة والمستقلين على دعم اللامركزية الموسعة، ويرى البعض أن الردّ على المؤتمر التأسيسي كان برفع مطلب اللامركزية الموسعة، وذهب البعض إلى إعتبار أن هذا الأمر يطرح اليوم لكن في حال إستكمل الزحف الشيعي نحو المراكز وقضمها فإن المسيحي سيشهر سيف الفيدرالية من دون حياء أو خجل.

 

وكان رئيس حزب “القوات” سمير جعجع واضحاً في خطاب شهداء المقاومة اللبنانية، وقد أكد أن المسيحي لن يجلس ساكتاً وأن التهديد بمؤتمر تأسيسي سيقابله مطلب واضح وصريح وهو اللامركزية الموسعة. لكن المفاجأة أتت من مكان آخر، فخلال المؤتمر الصحافي للوزير السابق جبران باسيل الأحد شدد على دعم اللامركزية وذهب بعيداً في رفض المثالثة وعدم إحتكار الطائفة الشيعية وزارة المال، معتبراً أن التسلّح بالتوقيع الثالث يعني تطبيق المثالثة وهذا مرفوض، علماً أن اللامركزية الموسعة تدخل في صلب برنامج حزب “الكتائب”.

 

ويشكّل هذا الإجماع المسيحي بقيادة الكنيسة حجر عثرة في وجه كل طامح إلى قلب النظام السياسي في لبنان وحمايةً لبقية المكونات، فاللامركزية الموسعة تضمن عدم سيطرة فريق على مقدرات البلد لأنها محصورة في العاصمة، وفي السياق، فإن تشغيل مطار القليعات يُخرج مطار بيروت من تحت سيطرة “حزب الله” وهذا أمر يرفضه الحزب، في حين أن رحلة تحرير المرافق العامة من القبضة الحزبية لا تزال طويلة.

 

وبحسب المعلومات، فإن المكونات المسيحية لم تطرح مسألة الفيدرالية في هذه المرحلة لأن الحديث عن مؤتمر تأسيسي يبقى في إطار الكلام، لذلك فإن هذا الأمر يُحضر للمرحلة المقبلة عندما يصبح أمراً واقعاً، في حين أن الفيدرالية كما يحاول البعض الترويج لها لا تعني التقسيم وإقامة الحواجز بين المناطق، بل السماح لكل منطقة بإدارة ذاتية مثلما يحصل في أفضل دول العالم تطوراً.