Site icon IMLebanon

معارضون للحريري: الزواج من عروس مجهولة مرفوض!

 

بين اشكالية اختيار الوزراء المسيحيين، والشياطين المختبئة في الحقائب، والطلبات الدولية، والعقوبات الأميركية، يستمر التأخير في ولادة الحكومة على حساب المعالجة الملحّة للكثير من الملفات الحيوية العالقة في «أنفاق» الأزمة.

شعر من التقوا رئيس الجمهورية ميشال عون خلال الساعات الماضية بأنّه غير مرتاح لمسار تشكيل الحكومة، ربطاً بطبيعة المقاربات التي يعتمدها الرئيس المكلّف سعد الحريري، خصوصاً لجهة محاولته انتزاع دور اساسي في اختيار الوزراء المسيحيين.

 

ووفق زوار قصر بعبدا، فإنّ الأمر الوحيد المتفق عليه بين عون والحريري حتى الآن، هو عدد الوزراء الذي استقرّ على 18، اما مسألة توزيع الحقائب وانتقاء الاسماء، فلا تزال موضع خلاف ولم يُحسم أمرها بعد، لافتين الى انّ المؤشرات الحالية لا توحي بإمكان انجاز التأليف قريباً، الّا اذا حصل فجأة تبدّل في المواقف او تبادل للتنازلات.

 

َوعليه، تبدو «حكومة المهمّة» عالقة بين حدّين: لا عون في وارد إعطاء الرئيس المكلّف «امتيازات» على مستوى التشكيل، ولا الحريري في وارد الاعتذار.

 

وأبعد من الحسابات المحلية، ليس معروفاً ما اذا كان الحريري سيستطيع تجاوز الضغوط الأميركية الرامية الى اقصاء «حزب الله» عن التشكيلة الحكومية، تحت طائلة تسطير محضر ضبط سياسي في حقها، وحجب المساعدات عنها، وصولاً ربما الى تدفيع الحريري الثمن ومعاقبة بعض المحيطين به، استكمالاً للعقوبات التي صدرت ضدّ شخصيات متهمة بتأمين التغطية للحزب، وآخرها رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل.

 

ومع استعصاء المأزق الحكومي على المعالجة، عاد سعر الدولار الى الارتفاع على علو يفوق الـ 8000 ليرة، بعد انخفاضه النسبي عقب تكليف الحريري، ما يدفع الى التساؤل عمّا اذا كانت العملة الخضراء شريكة في التأليف، من خلال الضغط الذي يولّده صعودها المتجدّد.

 

ويلفت احد المواكبين عن قرب للملف الحكومي، الى انّ لديه انطباعاً بأنّ هناك من يريد أن يوظف ضغوط الدولار المتقلّب والاوضاع المعيشية والاقتصادية والاجتماعية الصعبة، لإجبار رئيس الجمهورية وبعض القوى السياسية على التسليم بأي شيء وبأي حكومة، وفق معادلة: اما القبول بالمطروح واما الويل والثبور وعظائم الامور.

 

لكن ما يعتبره فريق عون و»التيار الوطني الحر» مسعى لفرض امر واقع عليهما، يضعه الحريري في إطار التطلع الى تشكيل حكومة اختصاصيين غير حزبيين، وتحظى بأعلى نسبة ممكنة من الاستقلالية، حتى تكون قادرة على تطبيق المبادرة الفرنسية، بعيداً من التجاذبات السياسية، وهذا ما يبرّر في رأي داعميه محاولته اختيار اسماء تنسجم مع هذه المعايير.

 

وفيما امتنع الحريري عن استقبال الأمين العام لحزب الطاشناق النائب آغوب بقرادونيان، الذي كان قد طلب موعداً للقائه، أدرج المطلعون سلوك الحريري في إطار اصراره على ان تبقى مشاوراته المتعلقة بالشأن الحكومي محصورة في رئيس الجمهورية، وحتى لا يضطره استقبال بقرادونيان الى فتح باب مغلق، بحيث يصبح ملزماً عندها بلقاء رؤساء كتل نيابية أخرى او ممثلين عنها.

 

ومن الواضح، انّ هذه الاستراتيجية التي يتبعها الحريري في التأليف تستفز بعض القوى الداخلية، التي لا تجد مبرراً لتهميشها وتجاهلها، خصوصاً انّ الرئيس المكلّف يحتاج في نهاية المطاف إلى أصوات نوابها حتى تحصل حكومته على الثقة.

 

ويستغرب قيادي حزبي معارض لـ»تكتيك» الحريري، كيف أنّ الرئيس المكلّف يتجنّب التشاور مع الكتل، كما لو انّها مصابة بمرض معدٍ، ويريد ان يفرض عليها، بإستثناء الثنائي الشيعي، اسماء الوزراء، في حين انّه يعرف جيداً انّ حكومته لا يمكن أن تولد من غير أن تحظى بالرضى النيابي، «وبالتالي، فإنّ ما يجري بحجة الحاجة الى حكومة الاختصاصيين، يشكّل بدعة مخالفة لكل التقاليد والأعراف السياسية».

 

ويشبّه القيادي طريقة الرئيس المكلّف في طرح الاسماء، بمحاولة تزويج شخص ما من عروس لم يتعرف اليها ولا يعرفها سوى عبر الصورة. مستغرباً كيف يُراد ان نبصم على وزراء تكنوقراط مجهولين بالنسبة إلينا، او لسنا مقتنعين بقدرتهم على النجاح في الحقائب التي ستوكل إليهم، «إذ ليس ضرورياً ان يكون كل اختصاصي من حَمَلة الشهادات ناجحاً في العمل الوزاري الذي يتطلب شروطاً ومواصفات محدّدة، وليس حتمياً انّ كل من برع في إدارة شركته الخاصة سيبرع حكماً في مهمته الوزارية».

 

ويروي القيادي، انّه كان من القلائل الذين تسنّى لهم لقاء الرئيس المكلّف السابق مصطفى أديب أثناء سعيه الى تشكيل الحكومة، «ويومها قال لي انّه أصبحت في حوزته سير ذاتية كثيرة، تقدّم بها اشخاص تكنوقراط من طائفة معينة، ليختار من بينهم مرشحين للتوزير، فأجبته: انت تريد تأسيس شركة ام تشكيل حكومة؟».

 

ويشير القيادي الحزبي، الى انّ بعض الوزراء في حكومة حسان دياب هم ناجحون في مجالات عملهم الخاص، الّا انّهم اخفقوا في الحقائب التي أُنيطت بهم، مشدّداً على انّه من غير المقبول التعاطي مع الأحزاب كأنّها موبوءة ولا تستحق ان يؤخذ رأيها في الحسبان، «بل هي تستطيع أن تساهم في اختيار وزراء كفوئين ونزيهين، من دون أن يكونوا بالضرورة منتمين الى صفوفها، انسجاماً مع قاعدة «غير الحزبيين» التي صارت موضة هذه المرحلة».

 

وانطلاقاً من التمسّك بحماية دور الاحزاب في تشكيل الحكومة استناداً الى تمثيلها النيابي، يعتبر القيادي إيّاه انّه من الأفضل ايضاً أن لا يختار الرئيس عون شخصياً الوزراء المسيحيين، كي لا يتحمّل لاحقاً مسؤولية سلوكهم، انما من غير أن يعني ذلك اي تقليص لصلاحياته الدستورية كشريك كامل عبر التوقيع الالزامي، مشدّداً على أنّ الاحزاب المسيحية هي التي يجب أن تشارك في اختيار الاسماء المسيحية، بالتفاهم مع الرئيس المكلّف.