IMLebanon

المطلوب مواطن جديد

 

نزيف من الاطباء، يُهاجرون من مستشفيات لبنان بالمئات، نزيف من المهندسين يُهاجرون ايضاً الى الخارج، الجسم الطبي خسر 50 بالمئة من عديده وهاجروا الى الخليج، ومنهم الى فرنسا وبلجيكا وايطاليا، وفق احصاءات عن تأشيرات السفر الى هذه البلدان، نزيف من عمّال المصانع وعمّال المطاعم وعمّال القطاع الالكتروني، وكلهم هاجروا، وقسم كبير يتحضر للهجرة.

ومع ان المهاجرين هم من الشعب اللبناني، الا ان المسيحيين هم الاكثرية الساحقة المهاجرة، هل هذا هو استرجاع حقوق المسيحيين في لبنان؟ وماذا يكون لبنان اذا اصبح بدون مسيحيين خاصة النخبة منهم؟

لبنان من دون مسيحيين لا يُساوي شيئاً، لا نقول ان المسيحيين لا سمح الله، هم «شعب الله المختار» على قاعدة الصهيونية، بل نقول ان المسيحيين هم من قاموا ببناء لبنان بنسبة 60 الى 70 بالمئة منذ مئة عام وحتى اليوم. هل تحتاج الدول العربية الى دولة اسلامية اضافية كي يُصبح لبنان دولة من دون مسيحيين؟

ان الذين ينظرون الى عدد الطلاب المسيحيين المسجّلين في المدارس الرسمية والخاصة، يكتشفون ان نسبتهم اصبحت 20 بالمئة من مجموع طلاب لبنان من بقية الطوائف، وهذه كارثة بعدما كان العدد في عهد الرئيس فؤاد شهاب 52 بالمئة من الطلاب المسيحيين و42 بالمئة من بقية الطوائف الاسلامية.

هل كان العهد عندما استلم الرئيس العماد ميشال عون افضل ام اليوم هو افضل ؟ هل عندما كان الرئيس الحريري رئيساً للحكومة كان الوضع افضل ام الآن افضل؟

والسؤال هو اين شعار الاصلاح والتغيير الذي طرحه فخامة رئيس الجمهورية العماد عون؟ فلقد اصبحنا في جهنم عن حق. عندما كان «تيار المستقبل» في رئاسة الحكومة كان الوضع مقبولاً، فاذا بموقف الرئيس سعد الحريري وعناده واصراره على 18 وزيراً اضاع 150 يوماً، فيما الوضع ينهار ويعيش لبنان اكبر ازمة اقتصادية.

واين هو الحريري ايضاً من رحلاته وزياراته الى الخارج، فبدل ان يجتمع مع الكتل النيابية والتفاهم معها، نراه يتنقل من بلد الى بلد، وهو يعلم انه من دون التشاور مع الكتل لا يُمكنه تشكيل حكومة.

اما السياسيون الفاسدون بمعظمهم، فيستحقون المحاكمة بتهمة الخيانة الوطنية لشعبهم.

لكن المجرم الاكبر، هو الناخب اللبناني الذي كلّما وقف امام صندوق الاقتراع يعود ويختار الاشخاص ذاتهم، ربما يكون عنده ولاء لزعيم طائفته او جماعته، لكن هل كل الاسماء الاخرى صالحة كي يتمّ انتخابها ولا يتمّ ضخ مجلس النواب بدم جديد من الشباب او رجال امتلكوا من الحكمة والخبرة في الحياة ما يكفي ليجعلوا الوفاق اللبناني حاصلاً على قاعدة العقل والقيم والاخلاق والضمير؟

اخطر شيء حصل بعد انفجار المرفأ هو هجرة المسيحيين. ونكرّر لنقول ان لبنان من دون مسيحيين لا يُساوي شيئاً، ونقول ذلك ليس من منطلق طائفي بل من منطلق انه مكوّن او مجموعة اساسية من الشعب اللبناني تندثر وتزول. اما شعارات الاصلاح والتغيير وشعار «تيار المستقبل» وشعارات الاحزاب كلها، هي كلمات بكلمات، وخطابات بخطابات، وفارغة المضمون من حيث التنفيذ، وكيف لا عندما يقوم المجلس الاعلى للقضاء باجراء تشكيلات قضائية اقرّها بالاجماع، وتمّ توقيفها من اجل قاضية صديقة وضعت استقالتها امام رئيس الجمهورية العماد عون.

لبنان اليوم ليس ضمن اتفاق الطائف ولا دستور الطائف، لبنان اليوم ليس ميثاق 1943، بل هو في حالة طوارئ عسكرية، حتى ان النظام يتحوّل تحت ستار حالة الطوارئ العسكرية وحالة التعبئة، الى نظام عسكري واجهزة امنية تحكم البلاد.

عندما نتحدث عن الهجرة المسيحية، نحذر من خطر زوال اعظم مثال للتعايش في العالم بين المسلمين والمسيحيين، وعن فكر ونهضة وثقافة واخلاق دينية روحية عظيمة.

والسؤال مُوجّه للمسيحيين: لماذا الثنائي الشيعي على تفاهم مع جمهوره الواسع الذي يصل الى 80%؟

لماذا الطائفة الدرزية على توافق؟ وآخر مثال ما حصل للمقعد الدرزي والتسوية التي توصلوا اليها؟

لماذا السنة هم على كلمة سواء واحدة؟

نسأل المسيحيين: لماذا انتم مشرذمون 4 احزاب مُتنافرة تتصارع فيما بينها؟ هل هذه هي الروح التي بشر بها السيد المسيح قائلاً: “باركوا لاعينيكم سامحوا اعداءكم احبّوا بعضكم كما انا اجببتكم”.

لا بدّ من وعي مسيحي، خاصة على مستوى الحكم كي تصطلح الامور، بدل التفتيش عن تحطيم القيادات المسيحية بعضها لبعض، حيث يعتقد كل فريق انه اذا ضرب خصمه ينتصر، ولكن بالحقيقة هو يعمل على ضرب قوة مسيحية كمجموعة بشرية ثقافية نهضت بلبنان وكان لها دوراً كبيراً في النهضة. ولكن كيف يتمّ ذلك، والمسيحيون يُهاجرون بالآلاف من لبنان الى الخارج؟