Site icon IMLebanon

المسيحيون لم يعودوا بيت بو خْطَيّ

أعترف بأنّ هذا السؤال يحيرني: ما هي هذه المصادفة التي جعلت الرئيس نبيه بري يطلق كلامه على «السلة» بعد وقت غير طويل من إعلان أمين عام حزب اللّه السيّد حسن نصراللّه التخلّي عن سلّته؟!.

إنه السؤال المركزي الذي تتفرّع منه سلسلة أسئلة يتطارحها الناس في كل مكان: في المنتديات السياسية كما في الصالونات، وكذلك في وسائط الإعلام!

على سبيل المثال لا الحصر:

هل ثمة أحد يتعاطى الشأن العام يجهل أنّ الكلام على السلّة سيواجه بردود فعل قويّة من طيفين لبنانيين على الأقل؟!.

واستطراداً: هل كان مجهولاً أنّ السُنّة اللبنانيين لن يقبلوا بالسلّة ولن يتساهلوا ازاءها؟!.

وبالتالي: هل هناك من يجهل أنّ المسيحيين ليسوا مع السلّة وهم الذين لم تبقِ لهم شيئاً التعديلات الدستورية، التي أقرّت في مطلع تسعينات القرن العشرين الماضي.

وكيف أن سماحة السيّد حسن نصراللّه أدرك بداهة أنّ مشروع السلّة يستثير أطيافاً لبنانية فأعلن عدم التمسك بها… وكيف أن دولة الرئيس بري يخرجها من الباب ليدخلها من الشبّاك؟

وعليه: هل أنّ هناك خلافاً جوهرياً حول السلّة بين ركني الثنائية الشيعية؟ أو إنها مجرّد مصادفة لا تأثير لها على التحالف الثنائي؟ أو هو تكامل بين الطرفين؟!.

الناس تسأل، ومن حقها  أن تسأل. والذين يسألون ويتساءلون وهم في هذه الدويخة ليسوا، جميعاً، من الذين يصنّفون أنفسهم في «الجهة المقابلة». أي ليسوا، جميعاً في صفوف الأخصام والمعترضين والمعارضين لحزب اللّه وحركة أمل.

إذ كيف «يصدف» (هذه المصادفة «الملعونة» التي تدخل في هذا الحديث باستمرار)… نقول: كيف يصدف أن تنزل السلّة من حيث لا ندري، في وقت بدا أنّ مبادرة الرئيس سعد الحريري الى ترشيح الجنرال ميشال عون هي مبادرة جديّة وقريبة جداً من أن تبلغ خواتيمها السعيدة؟.. ولقد جاءت السلّة لتقف حجر عثرة في سبيلها!

كتبنا هنا، في الأيام الأخيرة، بضع عجالات لافتين عناية دولة الرئيس نبيه بري الى أنّ هناك من يستدرجه الى فخ بغيض عنوانه أن رئيس المجلس يضع نفسه في وجه الإرادة المسيحية الكبرى… ثم قرأنا تصريحات منسوبة اليه تبدّى لنا من سطورها وما بين السطور انه أدرك هذه الحقيقة، فكان أن أوفد النائب علي حسن خليل الى بكركي حيث كانت تطمينات سرعان ما تبين أنها كانت اقرب الى السراب منها الى الإلتزام الثابت.

***

حتى إشعار آخر يكفي ما تقدّم.

وثمة كلمة (تنبيه) لا بدّ منها لمن يعنيه الأمر:

يخطىء من يظن أنّ ما يجري على الساحة من أمور وتطورات ومواقف ذات صلة بالإستحقاق الرئاسي يمكن أن تمرّ ببساطة وسهولة لدى المسيحيين لأنهم «بيت بو خْطَيّ».

ونجزم بأنّ هذا الفهم خاطىء جداً… وعندئذ لن تكون التطورات «مصادفة».