Site icon IMLebanon

المسيحيون في لعبة الخطر الأكبر!؟

 

 

لم يكن المسيحيون يوما» في حال إتفاق طوال وجودهم في لبنان حتى أيام الحكم العثماني، كان الأكابر والشيوخ منهم على غير وئام مع البقية، ووصولا الى أيام المتصرفية وحتى إنبلاج فجر الجمهورية والانقسام بين الدستوري والكتلوي ، كانت سلسلة من الحروب السياسية لكنها أشد فتكا» من العسكرية ، بالرغم ممن يترحم على تلك الأيام حيث كان فائض القوة الماروني بالرغم من كونه قويا» إنما أسس لحروب من نوع اّخر فيما بعد.

 

كيف تدرجت الخلافات المسيحية- المسيحية وصولا الى ذبح بعضهم البعض وإضمحلال نفوذهم وصولا الى الطائف الذي تم توقيعه بواسطة الايادي المارونية بالذات ؟

 

يروي أسقف ماروني مخضرم عايش معظم حقبات ما قبل الطائف وبعده، فيصف مأساة الموارنة في لبنان والمسيحيين الاخرين الذين «راحوا بالدرب» بحالة أقل ما يقال فيه أنها إنتحار ذاتي بواسطة الأيدي المسيحية، وما فعلوه بحق أنفسهم ومجتمعهم لا يمكن إلقاء اللوم على شركائهم في الوطن الذين تلقوا السلطة كاملة على طبق من ذهب من الموارنة بالذات بعد حروب عمياء بعيدة عن الرؤية إنما قريبة جدا» من الغباء في إستظلال دولة من هنا أو قوة إقليمية من هناك متناسين مصلحة الجماعة المسيحية العامة التي في النهاية جمعت حقائبها ورحلت الى غير رجعة.

 

ويضيف الاسقف بالكثير من الندم والحسرة كيف أن المسيحيين وحتى الساعة ما زالوا ينتحرون بنفس الطريقة ولم يتعلموا لا من ماضيهم أو من بعض العقلاء ، ليقول : ماذا بقي من المسيحيين في السلطة التنفيذية والادارات بعد أن كانوا فيما مضى الوجه المضيء للبنان في هذا الشرق؟ حتى أنهم ظلموا كامل مسيحيي الشرق وتم ترحيلهم، وكأن المسيحيين لديهم ذاكرة مثقوبة لإعتقادهم أن هناك الأم الفرنسية أو الغرب سوف ينقذهم من فم التنين الذي وقعوا في داخله دون عودة.

 

ولا يرى الاسقف الماروني طريقا» للخلاص لا الآن أو في المستقبل القريب للجماعة المسيحية في لبنان ما دام «دود الخل منو وفيه» ، ويلفت الى أن هناك إنبطاحا مسيحيا تاما لدى بعض الافرقاء المسلمين في السرّ والعلن ليس لخلاص المسيحيين إنما لمصالح خاصة لدى كل حزب وفق فرضية ( أنه العارف والزعيم وغيره يعيش في حالة من الضلال) ، ويقول بأسف : كيف يمكن إنقاذ مجتمع ممزق شر تمزيق تأكله الضغينة والكراهية حتى داخل البيت الواحد؟ ويشير الاسقف الى إشارة إلتقطها بالأمس أثناء ذكرى إغتيال الرئيس الشهيد بشير الجميل تتمثل برجاء من الدكتور فؤاد أبو ناضر المخضرم في السياسة والعسكر حين قال: ما الذي ينقص أن تكون الكتائب والاحرار وحراس الارز والتيار الوطني الحر والقوات اللبناينة في جبهة واحدة؟ ثم يقول الاسقف هذا أثلج قلبي وادخل البعض من النور الى العتمة التي أعيشها، ويضيف : أعرف تماما أن هذه الدعوة الاخيرة لا تشكل إطارا» عمليا إنما على بساطتها معكوسة على سذاجتي أريد أن اصدق أن هذا الذي في آخر النفق هو نور وإن كان سرابا» !!!

 

متعب هذا الاسقف الى حد بعيد ويخاف أن تأخذه المنية قبل رؤية وحدة مسيحية ولو شكلية ، ويقول:»أريد أن يكذب كائنا من كان على شيخوختي وخدمتي الاسقفية التي ناهزت الستين عاما  أن هناك من يفكر مجرد التفكير بالوحدة سبيلا الى البقاء، إنما قناعتي الأرضية وليست السماوية لا تشجعني على مجرد ملامسة رغبة الأمل»!.

 

ويتابع : كيف سيتم هذا الامر دون معجزة والاحزاب المسيحية إستبدلت وظيفتها من الاجتهاد الذاتي نحو الوحدة الى الرهان على الخارج أو إستتباع هذا الزعيم أو ذاك من الطوائف الشريكة ؟ كيف لحزب الكتائب أن يقوم بأية مبادرة ولديه وظيفة مستحدثة أيضا» بإستهداف الرئيس المسيحي فقط وهو الوحيد في الشرق حتى ولو كان هذا الرئيس غير مستحب لديهم « ولديه أجندات متنوعة «؟ وكيف للقوات اللبنانية أن تعمل نحو الوحدة ولديها حلفا» أصبح شبه معلن مع مرجعية رئاسية غير رئيس الجمهورية وعملها ينصب كل ساعة على النيل منه حتى أنها لا تقبل مجرد السؤال على سبيل المثال عن عرض عسكري أقامته هذه المرجعية !! فيما حقيقة ما يلاحظه الاسقف أن رئيس الجمهورية لو «عطس» عطسة يبنى عليها الكثير من الاّثام، أما حزب الاحرار فقد أصبح ملحقا مشتتا بعد إرث الكبير كميل نمر شمعون ، وحراس الارز لا وجود رسمي له ، التيار الوطني الحر أيضا» بدوره لا يقبل بالمشاركة مع بقية الاحزاب المسيحية إنما لديه تطلعات نحو آفاق مستقبلية !!

 

دعوة الأسقف بإيجاز: حافظوا على الرئاسة الاولى وتمسكوا بها في ظل المتغيرات المفصلية في المنطقة، وأتركوا شخص الرئيس، الذي سيغادر في النهاية، يُنهي عهده بسلام.

 

ويختم الاسقف الماروني ليس بالدعوة لأنها غير مستجابة إنما بالرجاء من جميع القادة المسيحيين التطلع على الاقل الى الواقع الحقيقي للشعب المسيحي ، ولتتحكم بهم الغيرة كي يبقى بعض المسيحيين في لبنان أقله كي تحكموا على شعب وليس على أوهام وأشباح !؟ ولو تم فتح باب الهجرة ستبقى الاحزاب المسيحية مجرد يافطات على أبنية فارغة من أهلها وشبابيك مفتوحة للنار والنور ، وبقايا شعب جائع مرهون الارادة،لان المعدة أذكى من المخ وتخبر صاحبها أنها فارغة ، أما المخ  الفارغ فلا يتحرك أو يعترف أنه فارغ !؟