تساءل رئيس حزب الكتائب النائب ساميل الجميل: “منذ متى أعطينا السيد حسن نصرالله وكالة غير قابلة للعزل لاختيار رئيس للجمهورية؟ وهناك طريقة واحدة لاختياره نص عليها الدستور وتقضي بالذهاب إلى مجلس النواب للتصويت”. وهذا التساؤل يذكّر بمن يقول لعنتر “مين عنترك” والجواب واضح. إن الذين جعلوا الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله يكون الآمر الناهي ليس في انتخاب رئيس الجمهورية فحسب بل في تشكيل الحكومات وفي اتخاذ القرارات وما ينفذ منها وما لا ينفذ، هم الذين يتضامنون معه في أي موقف، ولا سيما الموارنة، وكأن سلاح الحزب لا يكفي ليفعل ما يريد. فلا يلومنَّ أحد إذاً الحزب إذا “تعنتر” حتى على من يقفون معه في السرّاء والضرّاء… فإذا قاطع جلسات انتخاب رئيس الجمهورية قاطعوا معه، وإذا انسحب وزراء الحزب من جلسة مجلس الوزراء انسحبوا معهم، وكذلك من جلسات مجلس النواب، وإذا خالفوا سياسة “النأي بالنفس” وقرّروا التدخّل في الحرب السورية دعماً للنظام وقفوا معهم حتى وإن لم يقف الحزب معهم عند التمديد لمجلس النواب وفي “تشريع الضرورة” وكأن ما يجوز للحزب لا يجوز لغيره.
لقد رشّح رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية، ومع ذلك فإنه (عون) لم يتضامن معه في النزول إلى مجلس النواب للانتخاب بل تضامن مع السيد نصرالله في مقاطعة الجلسة. ورشّح رئيس “تيار المستقبل” الرئيس سعد الحريري النائب سليمان فرنجية للرئاسة ولم يتضامن الأخير معه في النزول الى مجلس النواب للانتخاب بل تضامن مع السيد نصرالله في مقاطعة الجلسة. ووصف كلام السيد بـ”سيد الكلام”… وكأن انتخاب رئيس جمهورية لبنان لم يعد في مجلس النواب بل في مكان آخر ويا للأسف! ومع ذلك فلا الدكتور جعجع طلب من العماد عون أن يختار بين التضامن معه والنزول إلى مجلس النواب أو بقائه متضامناً مع السيد نصرالله، ولا الرئيس الحريري طلب الشيء نفسه من النائب فرنجية بل ترك له حرية اتخاذ قرار النزول إلى المجلس ساعة يشاء. أما السيد نصرالله فلم يقرّر بعد متى ينزل الى المجلس لانتخاب رئيس للجمهورية، وقد لا يقرّر ذلك ما دام يخشى خسارة صداقة أي من المرشّحين عون وفرنجية إذا فضّل أحدهم على الآخر خصوصاً وهو يمر في ظرف دقيق وصعب داخلياً وإقليمياً ودولياً بعد الحديث عن احتمال إدراج الحزب على لائحة الارهاب.
ثمة من يقول، ولهذا القول مؤيّدون، إن “حزب الله” لن ينزل إلى مجلس النواب لانتخاب رئيس للجمهورية إلا عندما يسمح له الوضع في سوريا بسحب مقاتليه منها، لأن أي رئيس للجمهورية حتى وإن كان من حلفاء الحزب قد يطلب منه ذلك وإلا قد يبدأ الخلاف بينهما وهذا ما لا يريده الحزب ولا الرئيس المنتخب.
لذلك فإن السؤال المطروح هو: متى يقرّر “حزب الله” سحب مقاتليه من سوريا؟ عندها يصير في الإمكان انتخاب رئيس للجمهورية كي يبدأ عهده بتشكيل حكومة تحكم ولا تظل محكومة من أية جهة سواء كانت داخلية أو خارجية، وان تستطيع الحكومة التزام سياسة النأي بالنفس عن كل ما يجري حول لبنان، وهي السياسة التي تجعل لبنان يقف مع الاجماع العربي عند حصوله ولا يكون إجماعاً يضر بمصالح لبنان، ويقف على الحياد عند خلافهم بالامتناع عن التصويت. فلا معنى إذاً لانتخاب رئيس للجمهورية ومقاتلو “حزب الله” في سوريا فيبقى الأمر له في كل كبيرة وصغيرة، ويكون العهد الجديد امتداداً لعهود رؤساء سابقين، أي رئيس يملك ولا يحكم.
فهل يبدأ حل أزمة الانتخابات الرئاسية، كما يشاع، مع بداية الحل السياسي للأزمة السورية أم عند نهايته؟ وهو أمر يطول ولا يستطيع لبنان انتظار ذلك لا سياسياً ولا أمنياً ولا اقتصادياً.
ثمة من يعتقد أن حل أزمة الانتخابات الرئاسية في لبنان سيبدأ مع بداية البحث في حل للأزمة السورية لأن التفاهم الروسي – الأميركي قد يعجّل في هذا الحل، وما وضع الخلاف حول مصير الرئيس بشار الأسد جانباً سوى لبلوغ ذلك، وعملاً بالقول المعروف: “متى وصلنا إلْها منصلّي عليها”، إذ إن مجرّد الاتفاق على تشكيل حكومة وحدة وطنية بعد تنظيف الأرض من الارهابيين لتمكينها من أن تحكم، يجعل ممكناً القول للرئيس الأسد: شكراً…