IMLebanon

المسيحيون مهددون بقاعاً ومخاوف من خسارة الموارنة لموقع الرئاسة

فيما يتلهى بعض المسؤولين بقشور القضايا الثانوية وفيما تغرق القيادات السياسية المسيحية بشكليات العزائم المتبادلة بين هذا الزعيم وذاك بشأن الإستحقاق الرئاسي ،كانت بعض الوفود الدولية في بيروت تهمس في الكواليس السياسية بكلام غير مسبوق لناحية المخاطر الجسيمة التي تتهدد الموقع المسيحي الأول في لبنان والشرق بفعل استمرار حالة الشغور الرئاسية في لبنان في ظل استفحال الخلافات المسيحية التي تحول دون حصول اي تقدم فعلي في موضوع انجاز الإستحقاق الرئاسي الذي على ما يبدو سيبقى شاغرا لآجال طويلة حتى اشعار آخر.

وفي هذا الإطار، أكد أوساط سياسية وسطية مواكبة لزيارة الوفود الدولية إلى لبنان، بأن هناك مخاوف غربية كبيرة على دور المسيحيين وموقعهم في النظام اللبناني وهذه المخاوف عبر عنها كبار الموفدين الدوليين في خلال جلساتهم المغلقة مع بعض المسؤولين اللبنانيين الذي استهيبوا هذه المخاوف خصوصا أن مسألة طرح أسماء المرشحين باتت تفصيلا عابرا أمام مسألة مدى قدرة النظام السياسي اللبناني على الإستمرار بصيغته الحالية في ظل استفحال الفراغ في موقع رأس الدولة المهددة بكل مفاصلها بتمدد هذا الفراغ ليشمل في وقت لاحق بقية مؤسساتها الدستورية. المصادر أكدت بأن من استمع بدقة إلى ما تم طرحه من قبل كبار الزوار الدبلوماسيين لبيروت لا يمكن أن يستنتج سوى أن هناك خوفاً دولياً كبيراً وجدياً من خسارة الموارنة المسيحيين في لبنان لموقع رئاسة الجمهورية، كما أنه لا يمكن لمن استمع أيضا إلى طروحات كبار الزوار الدبلوماسيين لبيروت سوى أن يستنتج بأن هناك خوفاً دولياً كبيراً من الخطر الإرهابي التكفيري الذي يتهدد المسيحيين في لبنان عموما وفي منطقة البقاع خصوصا، حيث ان هناك تقارير استخباراتية وأمنية عديدة تنذر وتحذر من حصول اعتداءات من قبل التنظيمات الإرهابية التكفيرية على قرى وبلدات مسيحية بقاعا قريبة من الحدود السورية. وبالتالي فأن المسؤولين الدوليين يدعون الدولة اللبنانية والقيادات السياسية وعلى وجه الخصوص المسيحية منها أن تتعاطى مع هذا الخطر الحقيقي بكل جدية وذلك على قاعدة أخذ كل ما يلزم من خطوات وإجراءات لمواجهة وقوع الأسوأ في تلك المناطق التي تتربص بها التنظيمات الإرهابية التكفيرية شرا وعدواناً.

الأوساط أشارت الى أن التلميح لمسألة إعادة صياغة النظام اللبناني في ظل الأوضاع الخطيرة والمتفجرة في المنطقة ترك انطباعات غير مريحة عند بعض المسؤولين في لبنان الذين يدركون جيدا بأن أي اصلاح أو تغيير في النظام سوف يتطلب جر البلاد نحو صراعات ومواجهات ونزاعات طائفية ومذهبية دامية قبل انضاج أي تسوية توافقية جديدة على صيغة النظام اللبناني الجديد ولعل تجربة اتفاق الطائف لا تزال أهوالها حاضرة،بحيث أن اللبنانيين توصلوا إلى صيغة اتفاق الطائف بعد 15 سنة من الحرب الأهلية التي استنزفت طاقات البلد ودمرته وشرذمته وجعلته ساحة مباحة لحروب الآخرين التي جرى فيها استخدام جميع اللبنانيين بمختلف انتماءاتهم ومشاربهم وقودا في لعبة الأمم الجهنمية التي عادت لتطل برأسها مجددا على لبنان من خلال هذا الهمس الذي بدأ يرتفع على صعيد إعادة صياغة تركيبة النظام الحالية للبنان التي بحسب أحد زوار لبنان لم تعد مستوفية الشروط ضمن تركيبة المنطقة وصراعاتها الدولية والإقليمية، كما أن هذه التركيبة الهزيلة الضعيفة لم تعد ايضا مستوفية الشروط ضمن معيار توزع موازين القوى المحلية حيث أن الكفة الراجحة ضمن التركيبة اللبنانية باتت لمصلحة المسلمين بعد أن تراجع الدور المسيحي بشكل تدريجي وممنهج خلال السنوات العشرين الماضية، خصوصا أن المتابعين لهذا التراجع المسيحي في لبنان يدركون بأنه لم يكن عابرا أو مجرد صدفة بل أنه حصل ضمن سياق المؤامرة الدولية التي تهدف إلى تطهير الشرق من الوجود المسيحي، وهناك أكثر من إشارة تدل على ان استفحال حالة الفراغ في موقع رئاسة الجمهورية قد يكون فصلا مكملا لسياسة إضعاف المسيحيين وتهميشهم والتضييق عليهم تمهيدا لإستكمال افراغ الشرق من وجودهم التاريخي فيه، وقد يكون لبنان اليوم أحدى أبرز الحلقات التي يتم استهداف الوجود والحضور المسيحي فيها بعد أن أصبح المسيحيون في سوريا على طريق التهجير في ظل الأزمة السورية الراهنة و بعد أن نجح المتآمرون في تهجير المسيحيين من أرض فلسطين على يد الكيان الصهيوني الغاصب ،ومن العراق على يد القوى الظلامية التكفيرية.

إلى ذلك، أكدت مصادر دبلوماسية في بيروت لـ الديار بان زيارة كل من جيرو وبوغدانوف لن تكون الأخيرة وستستتبع بزيارات لوفود خارجية من أجل الدفع أكثر باتجاه تعزيز المناخات الحوارية الداخلية اللبنانية التي من شأنها أن تمهد الأجواء المؤاتية لإنجاز الإستحقاق الرئاسي خصوصا أن هناك مناخات إيجابية دولية وإقليمية يمكن للبنان أن يستفيد منها على صعيد أنهاء حالة الشغور المستفحلة والتي لم يعد من المقبول استمرارها في قصر بعبدا.

المصادر أضافت بأن أهمية زيارة الموفد الرئاسي الفرنسي الذي ركز في لقاءاته مع المسؤولين اللبنانيين على عنوان رئيسي، وهو ملف رئاسة الجمهورية، يكمن في ان هذه الزيارة قد أتت بعد تحرك قام به جيرو بإتجاه الرياض وطهران بتنسيق مع كل من واشنطن وموسكو المهتمة بدورها بهذا الملف وهذا الأمر ظهر بوضوح أيضا خلال المحادثات التي أجراها موفد الرئيس الروسي إلى الشرق الأوسط ميخائيل بوغدانوف مع القيادات اللبنانية التي لمست اهتماما دوليا غير مسبوق بشأن إنجاز الإستحقاق الرئاسي خصوصا أن المسؤول الروسي دعا خلال هذه الزيارة إلى دعم إعلان بعبدا وتعميمه على الدول المجاورة مع التشديد على ضرورة انتخاب رئيس بشكل سريع.مضيفة بأن أهمية الحراك الفرنسي على صعيد الملف الرئاسي اللبناني يكمن في أنه يأتي ضمن سياق ترحيب روسي لإعطاء دور أكبر لفرنسا في حلحلة أكثر من ملف في المنطقة ومن ضمنها موضوع الإستحقاق الرئاسي في لبنان، سيما أن حلحلة الخلاف بشأن العقد الروسي الفرنسي المتعلق بتسليم فرنسا حاملات المروحيات «ميسترال » إلى روسيا يتطلب ليونة ومرونة دبلوماسية للوصول إلى حل توافقي بين الدولتين حول هذه القضية الشائكة والمعقدة، وبطبيعة الحال إن هذه الليونة والمرونة في العلاقات بين روسيا وفرنسا تساهم بدورها في إضفاء مزيد من الإيجابية على لبنان في موضوع الإستحقاق الرئاسي اللبناني.

المصادر أضافت بأن الحراك الدولي والإقليمي على خط الملف الرئاسي يؤكد مرة جديدة على أن الخلاف الدولي ـ الإقليمي الذي يكاد يكون على كل الملفات المطروحة لا يشمل لبنان، حيث يرغب الجميع بضرورة الحفاظ على الإستقرار اللبناني الذي من أهم دعائمه إنهاء الفراغ الرئاسي والتوافق السياسي. مضيفة بأن ترجمة هذا الزخم الدولي والإقليمي إلى نتائج عميلة سريعة لا تزال دونه عقبات داخلية وهذا الأمر يتطلب مزيداً من المشاورات المحلية من أجل الإستفادة من المناخات الخارجية المؤاتية لإخراج الملف الرئاسي من عنق الزجاجة. إلا أنه وبحسب كواليس الأروقة السياسية فإن الحراك الخارجي الجاري في هذا السياق هو من دون أدنى شك يحمل في طياته انفراجات في الملف الرئاسي إلا أن بلورة هذه الإنفراجات في تسوية محلية لا يزال يحتاج إلى مزيد من الوقت الذي بات اليوم مربوطا بمسار ما سيحمله حوار تيار المستقبل وحزب الله الذي هناك تعويل دولي وإقليمي على نتائجه التي سيكون لها دور حاسم في الملف الرئاسي.