من ضمن محاولات تسعير الخلاف السياسي بين العماد ميشال عون وخصومه السياسيين، طلع البعض بمعادلة، هدفها المزايدة ليس الا، تقول ان كسر العماد عون، كسر للمسيحيين في لبنان، وهذه المعادلة في حقيقة الامر، ساقطة وغير واقعية، ومسيئة للمسيحيين قبل ان تكون مسيئة للعماد عون، ومن اطلقها، نسي او تناسى ان النظام الامني اللبناني – السوري، عمل في بداية التسعينات على كسر المسيحيين، فنفى العماد عون والوزراء المسيحيين، وهجّر الرئيس امين الجميّل، واعتقل الدكتور سمير جعجع، واتى بنواب مسيحيين على ذوقه، وقتل وسجن وعذّب الآلاف من المسيحيين في المخافر والسجون، وعمل «السبعة وذمّتها»، في حقهم، ولم ينكسر المسيحيون، ما يعني ان القوة يمكن ان تضعف المسيحيين. ان تحجّم دورهم، ان تسلب حريتهم، وتصادر حقوقهم، ولكن ابداً لا يمكن ان تكسر المسيحيين.
المسيحيون، قاتلوا المماليك والعثمانيين، وكل من حاول ان يسلبهم كرامتهم وحريتهم وحقوقهم، استشهد منهم عشرات الالوف، ولم ينكسروا، ولذلك فان خسارة معركة للعماد عون، او للدكتور جعجع، او لاي قيادي مسيحي آخر، ليست انكساراً للمسيحيين، ولا يمكن ان تكون، واكبر برهان قريب عن استحالة كسر المسيحيين، نداء الاساقفة الموارنة في العام 2002، وانطلاق اجتماعات قرنة شهوان، في أوج قوة النظام الامني السوري – اللبناني، وسطوته، ولاحقاً في 14 آذار 2005 وانفجار ثورة الارز في وجه الهيمنة السورية، ولذلك فان الكلام اليوم عن كسر ارادة المسيحيين، كلام باطل يراد به باطل.
* * *
قضايا كثيرة جداً تحصل وتزعج المسيحيين، اهمّ بكثير من التمديد سنة لقائد الجيش العماد جان قهوجي، ولو تم تحقيقها في اوقاتها، لكان لبنان تجاوز حتماً موضوع التمديد للنواب وللقيادات العسكرية، واهم هذه القضايا انتخاب رئيس مسيحي للجمهورية، واجراء انتخابات نيابية وفق قانون انتخاب عادل ومتوازن، واستعادة المغتربين الجنسية، وتسهيل اشراكهم في العملية الانتخابية، وعدم الالتفاف على مبدأ المناصفة، واستعادة الوجود المسيحي في الادارات العامة، وعدم مدّ اليد على مناصب اساسية كانت لهم ولم تعد، والشروع فوراً في تنفيذ اتفاق الطائف تنفيذاً كاملاً وصحيحاً، بدءا من تحقيق اللامركزية الادارية الموسّعة، ومجلس نيابي خارج القيد الطائفي، ومجلس شيوخ طائفي، وتحديث القوانين والدفع باتجاه الدولة المدنية وتعزيز الجيش عدة وعدداً ليصبح القوّة الوحيدة التي تحمي المواطنين والوطن.
ان الشريك في الوطن، مطالب باحترام «الشراكة»، اذا كان يريد حقاً عيشاً مشتركاً قائماً على المساواة في الحقوق والواجبات، بخلاف ذلك، ستبقى الدولة في غرفة العناية الفائقة، والوطن وجهة نظر، والخلافات القائمة خط عسكري باتجاه انتاج الحروب الاهلية.