نائب رئيس مجلس النواب يروي لـ«اللواء» تفاصيل ترشيح الحريري لفرنجية:
المسيحيون لا يستطيعون وحدهم انتخاب رئيس لكن بإستطاعتهم التعطيل
في إعتقاد مكاري ان من أسباب موافقة السعودية على ترشيح فرنجية أنه إبن الطائف وملتزم بعروبة لبنان
السلاسة والموضوعية والسرد المتسلسل للأحداث والوقائع ما اتصف به حديث نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري في لقائه وفد رابطة خريجي الإعلام، في دارته في الرابية أمس، والذي استعاض به عن نزوله إلى ساحة النجمة للمشاركة مع زملائه في جلسة الانتخابات الرئاسية التي لم تنعقد بسبب مقاطعة حزب الله ونواب 8 آذار والمرشحين النائبين ميشال عون وسليمان فرنجية.
وبالسلاسة نفسها التي اتسمت بها اجاباته على الأسئلة المطروحة على الساحة الداخلية وتبادل المسؤوليات بين فريقي 14 و8 آذار عن تعطيل الانتخابات الرئاسية بدأ مكاري كلامه: تسألونني عن سبب عدم مشاركتي في الجلسة وجوابي لماذا اشارك ما دام المرشحان الاثنان للرئاسة الأولى، لم ينزلا، ولو كنت مكانهما لنزلت شخصياً واوعزت إلى نواب كتلتي بعدم النزول لكان ذلك أقل كلفة عليهما.
ولطالما ان الجدال لا يزال مستمراً حول زيارة النائب فرنجية إلى باريس ولقائه مع زعيم تيّار المستقبل سعد الحريري وما تمخض عن هذا اللقاء من ترشيح الحريري لنائب زغرتا الذي يعتبر من صقور 8 آذار واقرب الشخصيات إلى رئيس النظام السوري بشار الأسد وإلى أمين عام حزب الله السيّد حسن نصر الله، يبادرك نائب الكورة واقرب المقربين إلى الشهيد الرئيس رفيق الحريري بأنه لم يكن يعرف شيئاً عن هذا اللقاء قبل حصوله، لكن الشكوك لعبت في «عبه» عندما غاب النائب فرنجية عن جلسة الحوار الوطني التي انعقدت يومذاك وابلغنا الرئيس برّي عن اعتذار نائب زغرتا عدم الحضور لاضطراره إلى السفر الى باريس في ذلك النهار، لعلمي المسبق ان الرئيس الحريري موجود في العاصمة الفرنسية، وبعد يومين أو أقل من تناول وسائل الإعلام اللقاء بين الرجلين تلقيت اتصالاً من مدير مكتب الرئيس الحريري نادر الحريري يسألني إذا كان بالإمكان الذهاب إلى الرياض للقاء الرئيس الحريري، فأجبت بالقبول وعند وصولي إلى مطار بيروت الدولي وجدت مجموعة من الشخصيات يتقدمهم الرئيس فؤاد السنيورة ونادر الحريري ورضوان السيّد ففهمت عندئذ ان الأمر يتعلق بموقف سياسي واستعدت الشكوك التي ساورتني عن اللقاء الباريسي بين الرئيس الحريري والنائب فرنجية وما سربته وسائل الإعلام.
ويسرد نائب رئيس مجلس النواب تفاصيل ما جرى في لقاء الرياض الذي استهله الرئيس الحريري بوضع الوفد الذي انضم إليه الوزير نهاد المشنوق قادماً من الإمارات العربية في تفاصيل لقائه مع النائب فرنجية والأسباب التي دفعته إلى ترشيحه لرئاسة الجمهورية، ومما قاله انه مر إلى حينه 33 جلسة دون جدوى بسبب مقاطعة فريق 8 آذار لها وأن المصلحة الوطنية تقتضي الانتهاء من الشغور في سدة الرئاسة الأولى، وهناك موافقات محلية ودولية على النائب فرنجية وموافقة المملكة العربية السعودية وإيران وايضاً حزب الله على ذلك ولا بدّ لي هنا ان استعيد تجربة الشهيد والدي في الحكم الذي قدم تنازلات في سبيل المصلحة العامة، ومنها على سبيل المثال لا الحصر قبوله التمديد للرئيس الأسبق اميل لحود في وقت كان بإمكانه الرفض والانتقال من دمشق بطائرته إلى باريس، لكن حرصه على مصلحة البلد وعلى المصلحة العامة جعلته يقدم على هذا التنازل.
اكتفى الرئيس الحريري بهذا الأمر ولم يسترسل في تفاصيل ما دار في لقائه مع النائب فرنجية، وانتظر ردّات فعل الحضور الذين لم يصفقوا بطبيعة الحال لهذا الطرح، ودار نقاش متشعب بين الجميع، وأن بدا إليهم الأمر قد بت وانتهى.
وعندما سئلت من أحدهم عن مدى حظوظ فرنجية في الوصول إلى رئاسة الجمهورية اجبت بأنها حسب تحليلي السياسي لا تتجاوز الخمسين بالمئة لعدة اعتبارات، فالوزير فرنجية الذي تربطني به صداقة عائلية تعود إلى عشرات السنين والذي لا اشك لحظة بلبنانيته ومارونيته وإذا خيرت بينه وبين الجنرال سأنتخبه حتماً، هو أحد أعمدة 8 آذار والصديق الشخصي للرئيس السوري بشار الأسد فضلاً عن اعتقادي، وهذا هو الرأي الشخصي ان حزب الله لن يرضى به ويتخلى عن عون، ولا بدّ لي من ان اعيد واكرر بأن الوزير فرنجية إبن بيت وطني ماروني عريق ويذكرني بموقف المرحوم جده في مؤتمري جنيف ولوزان عندما وصلت الأمور إلى صلاحيات رئيس الجمهورية، وطلب بحضوري من الرئيس أمين الجميل، وكانا يتحدثان على الهاتف ان لا يتدخل هذا ووقف سليمان الجد في وجه الجميع حفاظاً على هذه الصلاحيات.
وفي اعتقاد نائب الكورة عن الأسباب التي جعلت المملكة العربية السعودية لا تعارض ترشيح فرنجية رغم أنه أحد أعمدة 8 آذار والصديق الشخصي لبشارالاسد تعود إلى ان المملكة التي ألقت بكل ثقلها للتوصل إلى اتفاق الطائف الذي أنهى الحرب وأعاد التواصل بين جميع اللبنانيين تعتبر ان النائب فرنجية أبن الطائف التي تحرص عليه، والملتزم بعروبة لبنان وبالعيش المشترك، وتعرف جيداً حماسه لهذا الاتفاق قبل ان يحصل وما قدمه لانجاحه، وربما لهذه الأسباب مجتمعة فضلاً عن العلاقة التاريخية التي تربطها بعائلة آل فرنجية وبالجد سليمان وافقت على ترشيحه، والعكس صحيح بالنسبة للعماد عون الذي وقف ضد اتفاق الطائف ويتحمل مسؤولية الفترة «الرخوة» التي تمّ فيها اغتيال الرئيس المنتخب آنذاك الشهيد رينيه معوض، الأقرب إليها وجيء بالرئيس الياس الهراوي الأقرب إلى حافظ الأسد، وحول الطائف من طائف سعودي إلى طائف سوري.
ويقر مكاري ان الوزير فرنجية اخطأ كثيراً عندما وصف السيّد نصر الله بسيد الكل وهو ما يفسّر ان هناك مقابل كلمة سيّد كلمة عبد وهو مهين لمرشح لرئاسة الجمهورية. ان يكون عبداً عند أحد، وهي الأبرز إذا تجاوزنا التعابير والمواقف الأخرى، التي صدرت عنه وعن ما ستؤول إليه الأمور اعتبر مكاري ان كسر الحلقة المفرغة اما ان يكون عبر موافقة الحريري على عون أو انتظار ما سيحصل في المنطقة أو ان يتنازل عون لفرنجية وهذه من سابع المستحيلات إذ ان عون لن يتنازل حتى لابنه ولو كان اسمه جبران ميشال عون، وهذا شأنه ربما يكون على حق أو لا.
واعرب عن اعتقاده ان الرئيس سعد الحريري راغب برئاسة الحكومة لكن ذلك ليس ليعالج ازمته المالية كما يزعم البعض، وإن عاد لن يمكنوه من ممارسة الحكم.
كما أشار إلى ضرورة معالجة مشاركة الطائفة الشيعية في السلطة التنفيذية دون ان يكون لديه أي حل ليطرحه وقال ان على هذه الطائفة تقديم أي طرح لهذه المشاركة وهو سيدعمه لأنه من حقها.
وعندما قيل للنائب مكاري الا ترى ان السيّد حسن نصر الله تراجع عن السلة، ردّ قائلاً ليست المرة الأولى التي يتعهد السيّد بأمر ثم يتراجع عنه، اليس هو وافق في الدوحة على عدم الاستقالة من الحكومة ثم تراجع واستقال، وهو وافق على المحكمة الدولية ثم تراجع وهو من وافق على اعلان بعبدا ثم تراجع عنه، ووافق على صيف هادئ في العام 2006 ثم تراجع.