تستغرب اوساط معنية بورقة «اعلان النوايا» الحملة التي يشنها «تيار المستقبل» على تفاهم معراب محاولاً تصويره على انه حلف للوقوف في وجه الشركاء في الوطن، علماً ان التحالف العوني – القواتي مقدمة تمهيدية لترتيب البيت المسيحي تقول اوساط مسيحية، للانتقال في خطوة تالية لترتيب البيت الوطني لا سيما وان الطرفين المسيحيين ينظران الى ان «لبنان رسالة» وليس وطناً وفق مقولة البابا القديس يوحنا بولس الثاني، وان هذا الوطن لا يطير بحناح واحد وهو نموذج للعيش المشترك بين 18طائفة وهو المثال الذي تسعى اسرائيل الى اسقاطه كونه يصيب من «الدولة اليهودية» مقتلاً.
وتضيف الاوساط ان حملة «التيار الازرق» على تفاهم معراب يعود اولاً واخيراً على اصرار البعض للعب على الملعب المسيحي، لا سيما وان كل النواب المسيحيين الذين ينضوون تحت عباءة «المستقبل» جاؤوا باصوات السنة، وان اقرار اي قانون انتخابي جديد سيراعي مصلحة الجميع بحيث لا يلغي احد احداً كما حصل للمسيحيين منذ الوصاية السورية وحتى اليوم، بحيث يعيد صياغة التوازنات وفق الاحجام والاوزان، وان وقوف التحالف العوني القواتي في وجه جلسة «تشريع الضرورة» مطالباً بادراج اقرار القانون الانتخابي العتيد كبند اول على جدول اعماله احدثت نقزة لدى «المستقبل» الذي يعتبر قانون الستين هو الافضل كونه يتيح له الفوز في معظم المناطق، وان اي قانون جديد يعتمد على النسبية وحتى المختلط يجعل قبضة «التيار الازرق» تتراخى وتعجز عن الامساك بالمقاعد المسيحية.
وكما «المستقبل» كذلك الوضع لدى رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» النائب وليد جنبلاط الذي وضع يده على المقاعد المسيحية في الجبل الدرزي، وان تفاهم معراب سيحرر هذه المقاعد من قبضته تؤكد الاوساط، واذا كان سيد المختارة قد رأى في الانتخابات «البلدية مصيبة» فانه يعتبر عدم اعتماد قانون الستين مصيبة اكبر، وقد اعتلم ذلك من خلال صناديق البلديات التي اثبتت عودة المسيحيين الى لعب دورهم الطبيعي كناخبين. وان تفاهم معراب قلب المعادلة في دير القمر التي فاز فيها التحالف العوني- القواتي بالانتخابات البلدية ولم يعد بمقدوره تعيين رئيس لبلديتها كما فعل يوم رأس عليها دوري شمعون وجاء به نائباً الى المجلس فيما بعد.
وتشير الاوساط عينها الى ان الكلام الذي ساقته بعض الاطراف معتبرة ان الاستحقاق البلدي شكل هزيمة لتفاهم معراب، فان هذا الكلام يندرج في خانة ما يتمناه اخصام «ورقة النوايا» التي باتت تحالفاً استراتيجيا بين «التيار الوطني الحرّ» و«القوات اللبنانية» والدليل على ذلك ان الطرفين يمارسان السياسة بواقعية وشفافية بعيداً عن «ضرب الكم»، وان تحالفهما في اماكن وانفصالهما في اخرى كما حصل في جونيه، ان دل على شيء فعلى حفاظهما على حق الاختلاف وليس خلافاً بين الفريقين مع مراعاة كل فريق للظروف من حيث علاقاته وصداقاته مع العائلات والفاعليات، وان الاستحقاق البلدي شكل للطرفين «معمودية النار» التي لا بد ان تصهر العلاقة بينهما، لا سيما وان الطرفين لم يتواجها مباشرة في اي منطقة وان قياداتهما ستعمد الى عقد اجتماعات لتقييم المجريات والنتائج لتبني على الشيء مقتضاه ومعالجة الثغرات التي احدثتها بعض الشظايا في جدار التفاهم واعادة صقله تلافياً لاي زغل، خصوصاً وان المرحلة الاستثنائية التي تمر فيها المنطقة من اقصاها الى ادناها تشكل خطراً وجودياً على الاعتدال السني فكيف الحال بالاقليات وفي طليعتهم المسيحيين الذين اقتلعوا من العراق ومن المناطق التي تسيطر عليها الفصائل التكفيرية في سوريا ولم يبق لهم الا البلد الصغير كمعقل اخير، ويبقى الاستحقاق البلدي تفصيل صغير قياساً على تفاهم معراب الذي شكل خطوة انتقالية على الرقعة المسيحية وبعد التفاهم لن يكون كما قبله.