IMLebanon

المسيحيون من الفناء الخلفي الى الفناء الوجودي

المسيحيون في لبنان من حال الى حال، من القيدوم الطليعي، الى المأزوم «شراكة» ودوراً، والسؤال الملحاح الى أين مآل جماعة المؤمنين في وطن الرسالة الذين اعطوا الجمهورية نكهة متميزة في محيط قلق متصدع شوهته الغزوة الصهيونية وحطمته الكيانية، والمستعمد لم يكن سطحياً او غبياً عندما اعترف وقاحة انه أعطى اللبنانيين الاستقلال وسلبهم الاستقرار لادراكه انه التركيبة المركبة يستحيل دمجها بالشعارات المسكنات او توليفها بذاك العيب المسمى العيش تجميلاً بالطلاء المشترك و«الزوزقة» اللفظية حيث يبرع اللبنانيون في تعليب المفردات جملاً حبلى بمسخ الفرادة والميثاقية والدستور المنخور بسوس التطيف واستلطاف الرياء كمادة من مواد التشاطر الانموذجي بين مكونات تتبادل الاستذئاب والكل اختبر دور الفريسة…

في هذا المجال يقول مرجع مسيحي: اذا كان مصير المسيحيين في الشرق سوداوياً فان خراب «البصرة اللبنانية» اقرب الى النهايات الاليمة والخراب من سواها في اماكن التواجد التاريخي في هذا الشرق المصاب بلعنة الارتداد والاستبداد والخرائط المتبدلة ضيقاً واتساعاً حسب اهواء مقص الخارج الذي يجترح الازمات وتأتي حلوله اعمق سلبية تتوسل التخدير المعد عند اول صحوة للتفجير وهكذا تناسلت اشكاليات هذا الشرق واستعصت على اي حل لتشكل مطية كلما سنحت للاغراب والاعراب استخدامها ما تفرضه المصالح وعوامل الاستغلال والمآرب الخاصة…

ويقول المرجع المسيحي: لقد تقاطع سكين الارهاب في العراق وسوريا ومصر مع عملية الاقتلاع اليهودي للمسيحية من ارض ولادة السيد المسيح ولا غرابة في ذلك لان العقل الذي يدير ثقافة قطع الرؤوس هو عينه المتموضع في الرأس الذي يحوك المؤامرات والخطط لاجل تفوق الدولة العبرية والابقاء على تفوقها العلمي والعسكري في المنطقة. اما في لبنان فان المسيحيين الذين ارتابوا في اربعينيات القرن الماضي من تهجير الفلسطينيين الى لبنان على يد العصابات الارهابية الصهيونية، ادركوا في ان خطورة تحول المؤقت الى دائم نظراً لرعاية الغرب واحتضانه للكيان الغاصب و«تطنيش» الاعراب عن هذه القضية الانسانية واذا كان هناك من قوى ودول جاهدت ودفعت الاثمان في سبيل هذه القضية فان قوى ودولاً جاهدت ايضاً لاجهاض اي نفس تحرري كون المظلة الحامية للكيانات تبسط حمايتها لانظمة خيرت بين الديمومة في الحكم والاستقرار وبين السقوط على درب التحرير والزوال تحت سنابك الانقلابات وتقلب الاموال اوهي تعاني من اعطاب ذاتية تحرفها عن المسار الطبيعي للصراع وما اكثر المصابين بهذا الداء من ابناء هذه الامة…

ويتابع المرجع: لقد كان خوف المسيحيين في محله وكل المعطيات المحلية والدولية تشير الى استحالة عودة فلسطينيي الشتات في ظل موازين القوى الحالية ومعلوم الاغراءات التي قدمت للبنان تحت عنوان «التوطين مقابل الديون» و«التوطين مقابل حماية دولية كاملة»… وسوى ذلك من اطروحات تصب في خانة تغيير لبنان او بالاحرى كسر التوازنات الديموغرافية الطائفية في سياق سباق اقليمي دولي على كسب الساحات تحت عناوين طائفية ومذهبية وهذا ما نزل على الدولة العبرية برداً وسلاماً كونه سوغ فكرة يهودية الدولة في منطقة تطحنها النزاعات المذهبية والطائفية وبرر فكرة «الترانسفير» مجدداً من مناطق الـ48 كي تسبح تلك الجماعات في هذا المحيط العكر باطياف الخصوصيات والذاتيات..

ويتابع المرجع: اما الحلقة الثانية من طرد المسيحيين تحت وطأة المتغيرات فجاءت هذه المرة من النصوص لا على صهوات الحروب والنزاعات فانتزعت الصلاحيات من خلال الطائف وانتزع الدور وشهدت الجماعة المسيحية هجرة غير مسبوقة الى كندا واوروبا واميركا والبقية من آل عيسى شكلوا تلوينة للمشهدية السياسية وبات المسيحيون الباحثون عن الدور الضائع كالباحث عن قطة سوداء في غرفة مظلمة، اما المرحلة الأخطر والاكثر حراجة في تاريخهم، فجاءت مع اندلاع الحرب في سوريا حيث بلغ عديد النازحين السوريين في لبنان مليوني نازحا استقروا واسترخوا على معونات من الدول الراعية والداعمة للحرب على سوريا ومزاحمة للبنانيين في شتى القطاعات التجارية والصناعية والزراعية وحتى الخدماتية وهؤلاء خروجهم من لبنان بات شبه مستحيل وديمومة بقائهم في لبنان مدروسة لاعتبارات ابرزها كسر التوازن مع الطوائف الاخرى وبشكل خاص الشيعة من خلال اختلال الميزان الديموغرافي بشكل قاس لمصلحة «السنة» وفي ذهن المخططين التفوق العددي على بيئة المقاومة اي «الشيعة» وتحويل لبنان الى ساحة ممسوكة من دول اقليمية سيما ان الكتلة السورية الفلسطينية تغدو نصف الشعب اللبناني وهذه الزحمة ان لم تدفع بالشيعة والدروز بسبب الضغط السكاني على بقعة صغيرة فانها حتما ستجرف بطريقها المسيحيين الذين فقدوا دورهم في السلطة وقد يفقدون الجغرافيا تحت وطأة تمدد النزوح والتكاثر السريع للنازحين بالولادات التي تتزايد وفق سلم هندسي لا سلم حسابي…

ويستطرد المرجع ليقول ألم يلفت انتباهكم الهروب من وضع قانون الجنسية على جدول اعمال مجلس النواب لانه ملف طوي ويستكمل بحكم الامر الواقع والحبل على الجرار على قاعدة انه قضاء الله…

ويقول المرجع: هذا الكلام الراعب قد يقض مضاجع قارئيه لكن الحقيقة التي يخشى كثيرون مقاربتها ونحن اليوم نعيش فصولها التمهيدية ان لم نقل النهائية تبقى التنفيذ الذي سيأخذ وقتاً لان مشاريع من هذا النوع الجهنمي لا تتحقق دفعة واحدة وبكبسة زر انما بالجرعات وكل هذا الضغط على العماد ميشال عون غرضه تشليع اكبر قوة مسيحية سواء عن قصد او غير قصد اي سواء بخلفية الكيد المحلي او غيره فان النتائج ستفضي الى انكسار بنيوي في البلد والمكسور بالتأكيد الحلقة المسيحية التي بات نصفها على متن طائرة والنصف الآخر لا يحتاج الى «بطاقة دعوة».

ويختم المرجع: هذه هي الحقيقة المرة ونعيش ارهاصات زوال الوجود المسيحي في لبنان تدريجياً لان كل الظروف والسياسات وضعتهم داخل طاحونة صراع مذهبي كبير في المنطقة لا طاقة لهم على احتمال تداعياته وبالتالي ينحدر الوجود المسيحي في لبنان من الصدارة في صحن الدار اللبنانية الى الفناء الخلفي والآن الآن الى الفناء النهائي اي الترحيل بعد التنكيل السياسي وسوء تقدير العواقب من الاقربين والابعدين…»