Site icon IMLebanon

مسيحيو لبنان والمنطقة… مستقبلهم واحد؟

على قول البعض لي في واشنطن “أن الرئيس السوري بشار الأسد لا يطلع في يده شيء، وأن هناك لجنة، هو واحد منها تتخذ القرارات”، علَّق المسؤول الأميركي الكبير والمهم السابق نفسه الذي تعاطى مع مناطق العرب والمسلمين وغيرهم ولا يزال ناشطاً بينها وبين واشنطن، قال: “سوريا مقسَّمة حالياً. وستبقى كذلك مدة طويلة. مستقبلها لا نعرفه الآن. أما في لبنان فانني أتساءل واسأل اذا كان الحريري الشاب (الرئيس السابق للحكومة سعد) يريد العودة الى رئاسة الحكومة”؟ أجبتُ: يعمل لذلك. ونجاحه في العودة يتوقف على أمرين، الأول قرار السعودية أو بالأحرى موافقتها على ذلك. والثاني استعدادها للبحث فيه على رغم كونه جانبياً على أهميته مع ايران. علَّق: “معك حق. كيف الوضع في لبنان اليوم وخصوصاً أنكم لا تزالون من دون رئيس للجمهورية؟”. أجبتُ: سيئ. لكن يمكن أن يصبح أسوأ. لذلك ربما يحول انتخاب من يسدّ الفراغ في رئاسة الدولة وتأليف حكومة جديدة دون انزلاقه نحو الأسوأ. على كل حال هذا رأيي على رغم أن الكثيرين في لبنان يعتبرونني متشائماً. علَّق: “لا أنت واقعي. المحافظة على الاستقرار الحالي على هشاشته ضرورية. قل لي: ماذا عن المستقبل وخصوصاً مستقبل المسيحيين”؟ أجبتُ: شعوري أن لا مستقبل للمسيحيين على المدى البعيد في الشرق الأوسط المُسلِم. لكنني أعتقد أن مسيحيي لبنان يستطيعون أن “يطوِّلوا” بقاءهم فيه، وهذا ليس متوافراً ولن يتوافر لمسيحيي الدول العربية والاسلامية. و”التطويل” يعني الانتظار، اذ يمكن أن ينشأ نظام اقليمي جديد يستطيعون أن يعيشوا في ظله، كما يمكن أن يحصل تطوُّر ايجابي عند المسلمين يجعل هذا العيش ليس آمناً فقط بل حرّاً. والسبب في قدرة مسيحيي لبنان على الانتظار هو وجود “شعبين” مُسلمَيْن سنّي وشيعي فيه متوازنين ديموغرافياً، ومتوازنين بالقوة. الأول بالمحيط السنّي الواسع للبنان. والثاني بالقوة العسكرية الكبيرة التي يمتلك مع ترسانة اسلحة ضخمة ومتطوّرة. و”الشعبان” لن يتصافيا نهائياً وسيبقيان مختلفين عقوداً بل قروناً استناداً الى تاريخ خلافهما الذي تجاوز الـ13 قرناً، وهما يحتاجان الى “شعب” ثالث يُصلِح بينهما في انتظام، ويقيم التوازن بينهما في اطار الدولة المتفق على نظامها أي الطائف أو أي نظام آخر يُتفق عليه. هذا الشعب هو المسيحيون اللبنانيون الذين على رغم تقلُّص ديموغرافيتهم لا يزالون في رأيي قادرين على القيام بالدور المشار اليه لأن أقليتهم وازنة. وهي تقارب استناداً الى معلوماتي الـ25 في المئة خلافاً لما يقوله قادتهم الدينيون والسياسيون. علّق المسؤول الأميركي الكبير والمهم السابق نفسه: “وعلى رغم ما قُلته لا أرى مستقبلاً للمسيحيين في لبنان على المدى البعيد”. سألتُ: هل سيحصل ذلك بسبب الهجرة أو بسبب عنف الحروب الذي سيدفع المسيحيين الى أن يصبحوا لاجئين كما يحصل منذ سنوات لمسيحيي العراق وسوريا، وكما حصل لمسيحيين آخرين في غابر الزمان؟ أجاب: “أعتقد أن مستقبلهم سيكون اللجوء”.

غيّرتُ موضوع الحديث والبحث بالسؤال عن المملكة العربية السعودية والخليج. أجاب: “المملكة العربية السعودية ليست في وضع سهل. الملك سلمان بن عبد العزيز نفذ انتقالاً سلساً وهادئاً وسريعاً للسلطة بعد وفاة شقيقه الملك عبدالله. لكن لا تنسَ أن في الانتقال المذكور كان هناك غالب ومغلوب أو بالأحرى رابح وخاسر”. من الخاسر؟ سألتُ. أجاب: “بندر بن سلطان لا شك خاسر. لكنه لا يستطيع أن يفعل شيئاً. وهناك غيره. المشكلة في المملكة ليست في اقتتال بين عدد من الأمراء في العائلة المالكة. المشكلة هي في التشدٌّد الديني وفي انتشار الفكر المستبدّ. وهذا أمر مخيف. وقد اكتشفنا في أميركا علاقات وممارسات غير جيدة لسلمان مثل مساعدة أو تسهيل مساعدة المتشددين”. سألتُ: هل قام بذلك يوم كان وليّاً للعهد، أو في وقت سابق لولاية العهد؟ أجاب: لا. قبل ذلك. يجب أن نتوقع مواجهة المملكة صعوبات عدة. على كل المنطقة أي الشرق الأوسط وخصوصاً الخليج مهمة لنا وسنبقى فيها. علماً أنها لم تعد بالأهمية السابقة التي كانت لها. صارت عندنا استقلالية نفطية. لكن الاستقلالية المطلقة في النفط أو في غيره ليست موجودة في العالم”. السعودية تواجه خطراً في اليمن الدولة المجاورة لها، وخطراً من الحوثيين فيها، ومن إيران داعمتهم وراعيتهم.

كيف ستواجه السعودية هذه الأخطار؟ سألتُ. بماذا أجاب؟